ليمدد الحبل إلى سقف البيت، فإذا وصل وهو متصل به، مربوط في عنقه، ثم ليقطع ذلك الحبل، فيختنق اختناقا، قيد هذا الاختناق بذلك الحبل، (فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ)، والاستفهام بمعنى النفي؛ ولذا كانت نون التوكيد في الفعل، وهي تجيء في الفعل المنفي، تأكيدًا للنفي، وهذا تأكيد فوق تأكيد النفي بمجيئه بصيغة الاستفهام.
وهذا تخريج صادق كل الصدق، وهو في مضمونه كقوله تعالى: (... قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ...)، وإنا نوافق على التخريج ما دام منتجا معنى سليما مستقيما يتفق مع جلال القرآن، ومع سياق القصص في السيرة، ولكن نخالف فقط تفسير السماء بالسقف، فذلك ليس في القرآن، إنما تفسر السماء بما هو فوقك، من السماء ذات البروج، ومعنى " ليمدد "، أي ليمتد بالحبل إلى السماء، ثم ليقطعه فإنه يسقط مختنقا مجندلا، و " الكيد " التدبير، وإن اللَّه تعالى ناصر عبده محمدا في الدنيا والآخرة، ولتذهب نفس أعدائه حسرات، وكما أن الله تعالى ناصر نبيه في الدنيا والآخرة. ناصر نبيه: مثبت صدق رسالته بالقرآن المبين، ولذا قال تعالى:
(وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (١٦)
الإشارة إلى إنزال الآيات البينات الواضحات الهادية الدالة على صدق الرسول، والمشابهة بين ما قدر اللَّه تعالى إنزاله وما أنزله فعلا، أي أنزلناه في الواقع كما قدرناه في علمنا، وهذا تأكيد لإرادة اللَّه تعالى في أن تكون معجزة النبي - ﷺ - من نوع الوحي بآيات بينات، وقوله تعالى: (وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي من يُرِيدُ)، أي كذلك الإنزال أن اللَّه تعالى يهدي إليه من يريد له الهداية ويسلكها، وإني أرى أن المشابهة ليست بين الإنزال المقدر في علمه الأزلي، والمنزول الواقعي، وإنما أرى أن المشابهة بين نصر اللَّه لنبيه في الدنيا والآخرة وإقامة الحجة لرسالته في الدنيا، حتى يبلغ الأجل، ويكون المعنى كما ننصره في الدنيا والآخرة أيدناه بالمعجزة الباهرة القاطعة التي تتحدى الأجيال كلها أن يأتوا بمثله، وأنزلنا آيات بينات