- (يَعِظُكُمْ) اختلف في معنى الوعظ، فقيل: الكلام الذي تلين له القلوب. وقيل: زجر مقترن بتخويف.
ولكن المعنى المستنبط من الآية، هو: أن الوعظ أمر وكذلك زجر، لأن الآية اشتملت على الأوامر والنواهي، فالوعظ نصيحة وإرشاد يبرز فيه معنى التذكير، وانظر في قصة نوح - عليه السلام - في "سورة هود": فلما سأل نوح - عليه السلام - ربه في شأن ابنه، قال له ربنا سبحانه وتعالى (... يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) (هود: ٤٦) أي: (أَعِظُكَ)؛ لما سبق من إعلامك (... احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) (هود: ٤٠)
وكذلك قوله تعالى (يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) يبين العلاقة بين الموعظة والتذكير.
- (يَعِظُكُمْ) التفات إلى أسلوب الخطاب؛ فالخطاب في قوله تعال (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ.. ) على العموم، كما سبق بيانه عند بيان الفائدة من حذف المفعول.
وكان الخطاب في الآية التي قبل هذه الآية موجهاً للنبي ﷺ (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل: ٨٩)
والالتفات إلى الخطاب (يَعِظُكُمْ)؛ لأن الموعظة فيها التذكير ويناسبه القرب، وأسلوب الخطاب أدعى للقرب.
- ولكن لماذا لم يقع العطف بين (يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) وبين ما سبقه في الآية؟


الصفحة التالية
Icon