أي يذكرني بأن حم هي شعار النصر، وأنه من أهلها، وعدوهم لا ينصرون بقوله "حم لا ينصرون"، وهي شعار النصر على المشركين، وما نحن بمشركين ولا سلاحنا بسلاح سوء، وهذا الرمح شاجر أي مختلف عليه، ولا خلاص له منه، من قول لبيد
فأَصْبَحْتَ أَنَّى تأْتِها تَبْتَئِسْ بها كِلا مَرْكَبَيها، تحتَ رِجْلِكَ، شاجِرُ
قال في اللسان: "والشاجر المختلف" (١)، وقال الخليل بن أحمد: "وقد شَجَرَ بينهم أمرٌ وخصُومةٌ أي اختلط واختلف، واشتَجَرَ بينهم. وتَشاجَرَ القومُ: تنازعوا واختلفوا. ويقال: سُمِّيَ الشَّجَر لاختلاف أغصانِه ودخولِ بعضها في بعضٍ، واشتقَّ من (تشاجر القوم) " (٢)، قال ابن قتيبة في شرح البيت: "يقول من حيث أتيتها (أي الناقة) لزمك بأسها وشاجر ناب بك" (٣)، والمراد من الوصف كما قال البطليوسي: "إنك ركبت أمراً، لا خلاص لك منه" (٤)، ويقول شريح بعدها: فهلا تلا وتدبر ذوات حم قبل التقدم والاستبسال في قتال إخوته، ليعلم ما هي وفيمن نزلت،

(١) لسان العرب - مادة فجر، والبيت من الشواهد العربية المعروفة، انظر خزانه الأدب للبغدادي الشاهد ٥١٣ (٩١/ ٧)، ومن شواهد سيبويه خصوصاً انظر الكتاب له ج٣ ص٥٨، ولو كانت شاجر بمعنى طاعن لكانت شاجر منصوبة على تقدير كان شاجرا ولكنها بتقدير هذا الرمح شاجر، وقد يستشهد من ذهب أنها بمعنى طاعن بقول أبي الطيب المتنبي:
فواهب والرماح تشجره وطاعن والهبات متصلة
وهي بمعنى والرماح تختلف عليه والغاية من الرماح الطعن، فمنها ما يصيبه بسوء ومنها ما لا يصيبه، وليس منها رمح طاعن مميت، ولو كانت بمعنى تطعنه لمَاَ كان في البيت مجازاً ولكان وصفاً ولمَاَ قاله المتنبي أصلاً، فأي مدح إن كانت تطعنه الرماح، قال الواحدي في شرح المتنبي "يقول لا يمنعه الحرب عن الجود ولا الجود عن الشجاعة والمطاعنة"، ولو كانت بمعنى تطعنه لقال والرماح تطعنه لأنها من فصيح التكرار.
(٢) العين، باب الجيم والشين والراء معهما.
(٣) المعاني الكبير لابن قتيبة الدينوري، ج ٥ص٨٧١
(٤) الحلل في شرح أبيات الجمل للبطليوسي ص١٤٦.


الصفحة التالية
Icon