جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} يقول حفظه وتأليفه" (١). والدليل على هذا الفهم ما تبعه من أمر ﴿َفإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ كما قال ابن عباس: فاستمع له وأنصت (٢)، ﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ قال الزجاج: المعنى علينا أن ننزله عليك قرآناً عربياً فيه بيان للناس. وقيل المعنى: إن علينا أن نبينه بلسانك." (٣) فكتابة القرآن في سطور وصفحات وجعله كتاباً كاملاً من غير نقص من ضمن ما أخذ الله على نفسه جل في علاه، وداخل في حفظه تعالى بقوله ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾.
الوجه الثالث: أنّ فواتح السور لم تذكر في القرآن إلا وجاء بعدها إشارة على الإعجاز والنصر، وجاءت كلمة القرآن بعدها بلفظ الكتاب أو ما يفيد الكتابة للتنزيل، قال ابن كثير: "ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف فلا بد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن وبيان إعجازه وعظمته، وهذا معلوم بالاستقراء، وهو الواقع في تسع وعشرين سورة، ولهذا يقول تعالى: ﴿الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ﴾ [البقرة: ٢ - ١]. ﴿الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * نزلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ [آل عمران: ٣ - ١]. ﴿المص * كِتَابٌ أُنزلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ﴾ [الأعراف: ٢ - ١]. ﴿الر كِتَابٌ أَنزلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾ [إبراهيم: ١]. ﴿الم * تَنزيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [السجدة: ٢ - ١]. ﴿حم * تَنزيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [فصلت: ٢ - ١]. ﴿حم * عسق * كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [الشورى: ٣ - ١]، وغير
(٢) المرجع قبل السابق
(٣) فتح القدير (٣٣٨/ ٥)