في النظم، فسآتي على تفصيل القول فيه عند الكلام على وجه الإعجاز في النظم إن شاء الله، وهذا كله يتوافق مع عدد مخارج الحروف على الصحيح بأنها خمسة عشر مخرجاً.
فهذه الوجوه تدل على أن في ذكر الحروف دلالات تخص الكتابة، بل تدل على أسس وقواعد الكتابة في القرآن، وإن قال قائل إن أسس الكتابة والتوثيق لم تعرف إلا في العصر الحديث مع انتشار واختلاف المؤسسات العلمية فهو جاهل، لأنها كانت وما زالت أساساً من أسس النظم في الكلام والكتابة، وهي الدليل الأول على جودة الكتاب وعلم الكاتب، وهو ظاهر في أقدم الكتب التاريخية اليونانية، وظاهر في كتب الإسلام الأولى، فهذا كتاب الصحيح للإمام البخاري، تجد من الناس من يستشهد بتنظيم أبوابه بل بذكر الحديث في باب معين على فقه الإمام البخاري رحمه الله، وهذا الزمخشري البليغ الشهير يقول في بداية كتاب أساس البلاغة: "وقد رتب الكتاب على أشهر ترتيب متداولاً، وأسهله متناولاً، يهجم فيه الطالب على طلبته موضوعة على طرف التمام وحبل الذراع، من غير أن يحتاج في التنفير عنها إلى الإيجاف والإيضاع؛ وإلى النظر فيما لا يوصل إلا بإعمال الفكر إليه" (١)، وغيره من الأمثلة التي لا حصر لها من كتب السلف والخلف.
وعلى ما سبق ولعلمنا بأن كل كلمة في الدنيا وفي أي لغة كانت لها أحكام: كيف تلفظ، وكيف تكتب، وما هو معناها، وما هو موقعها في نظم الكلام، وأساس ذلك كله لغة الكلمة، نستعين بالله على البيان ونقول: