علم، أو من دون إذن من الله بهذا (البعض*)، ولو جاء رد المشركين على ما جاء (البعض*) به لضاق صدره لسببين: إما لأنه لا يعلم الغيب مما يكيدون ويخططون، وإما أنه لا سبيل لمعرفة (البعض*) لمانع من الله، أما الأول فقد جاء ذكره في مواطن كثيرة ظاهرة كقوله تعالى ﴿قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ (٥٠) الأنعام﴾ وهو يقين عند رسول الله - ﷺ -، ولا يضيق صدره لأنه لا يعلم الغيب، فهو من صميم إيمانه - ﷺ -، فيبقى أنه لا سبيل لمعرفة (البعض*) لمانع أصيل، وهو أمية الرسول - ﷺ - وعدم قدرته على معرفة الحجج المتعلقة بالكتابة والحروف، وهو ذات الرد على شبهة المشركين بقوله تعالى (ن، ص، ق، حم) فقد جاءت الشبهة بالشك في قدرة اللغة على حمل الرسالة من شقها الكتابي، وجاء الرد بأن الله هو الأعلم، وقد رفع شأن الحروف بتنزيلها في محكم كتابه مفصّلة بحسب السور، ونحن على يقين تام بأن الرسول - ﷺ - يعرف معناها وما نزلت لأجله، وأنه بلّغها كما بلّغ الرسالة، وبيّن ما فيها بحسب ما علّمه الله، لكنه في ذات الوقت لا يعرف علم الحروف، وهذا هو السبب في ضيق صدر الرسول - ﷺ -، لا من ذات الحروف، بل خوفاً من أن يردّوا عليها بالتسفيه وهو ديدنهم في الجحود، علماً بأن هذه الآية نزلت بعد ذوات الحرف والحرفين من السور، فجاءت بثلاثة حروف مما يقتضي التأكيد على رد الشبهة بشكل أكثر إصراراً، ومما يوجب الرد عليها من قبل المشركين، ولكن الله لم يترك ما سيقولون من ردود ليزداد الضيق في صدر الرسول - ﷺ -، بل جاء بأبلغ ما سيأتون به من الردود الممكنة وأقربها للعقل، لكونها البديل الوحيد لهذه الحروف بحسب الرد المتوقع، وهو السبب في ضيق صدره الشريف - ﷺ -، وكأن الله يقول ماذا سيرد عليك المشركون؟ إما أن يقولوا لو أنزل عليه كنز أو لو أتى معه ملك، وهي ذات الخيارات المأمور - ﷺ - بأن يبرأ من إدعائها في الآية السابقة، ولكي نفهم هذه الخيارات نضرب مثلاً: فلو أراد ملِك أن يكون أولاده ذوي شأن، وكان غنياً عظيماً



الصفحة التالية
Icon