التفسير، ولو كان كذلك لما كان القرآن حجة على الكافرين إن لم يفهموه ولم يسألوا عن معانيه، بل هم أقدر الناس على فهم المعاني وتمييز البليغ من القول، وقد وصفوه بأروع الوصف كما جاء ذلك في كتب السيرة والسنة، من ذلك ما قاله ابن عباس: "إن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي - ﷺ - فقرأ عليه القرآن فكأنه رقّ له، فبلغ ذلك أبا جهل فأتاه فقال: يا عم إن قومك يرون أن يجمعوا لك مالاً! قال: لم؟ قال: ليعطوكه فإنك أتيت محمداً تتعرض لما قبله، قال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالاً، قال: فقل فيه قولاً يبلغ قومك أنك منكر له أو أنك كاره له، قال: وماذا أقول؟! فوالله ما فيكم من رجل أعلم بالأشعار مني ولا أعلم برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن مني، والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا، والله إن لقوله الذي يقول حلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله وإنه ليعلو وما يعلى، وإنه ليحطم ما تحته، قال: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه! قال: فدعني حتى أفكر، فلما فكر قال: هذا سحر (يؤثر يأثره عن غيره)، فنزلت: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا﴾." (١) وزاد البيهقي "عن عكرمة قال: جاء الوليد بن المغيرة إلى رسول الله - ﷺ -، فقال له: اقرأ عليّ، فقرأ عليه ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل: ٩٠] قال: أعد، فأعاد النبي - ﷺ -، فقال: والله، إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق وما يقول هذا بشر." (٢) فلا يعقل أن يأتي معنى التأويل هنا
(٢) دلائل النبوة (١٩٩/ ٢)