العمل بها، وبيان التنزيل أمر واجب على الصحابة بل (من كتم علماً مما علمه الله ألجمه الله بلجام من نار بما كتم) كما قال - ﷺ -، وعليه يتميز الصحابة فيما بينهم في البيان والتأويل وما حازوا عليه من علم بالكتاب الشريف، وكلٌّ له أجر بما يبين للناس من أمر دينهم ودنياهم كما أمر الله ورسوله. "قال أَبو منصور: يقال أُلْتُ الشيءَ أُؤَوِّلهُ إِذا جمعته وأَصلحته فكان التأْويل جمع معاني أَلفاظ أَشكَلَت بلفظ واضح لا إشكال فيه"، وفيه "قال الليث: التأَوُّل والتأْويل تفسير الكلام الذي تختلف معانيه ولا يصح إِلاّ ببيان غير لفظه؛ وأَنشد: نحن ضَرَبْناكم على تنزيله، فاليَوْمَ نَضْرِبْكُم على تَأْويلِه." (١) وهذا مأخوذ من حديث الرسول - ﷺ - مخبراً عن علي (سيقاتل على تأويله كما قاتلت على تنزيله) وقد قاتل الخوارج على تأويل القرآن، حيث أخذوا بعض الآيات على ظاهر اللفظ بفهمهم السقيم، وقد انتدب علي رضي الله عنه عبد الله ابن عباس ليناظرهم ويبيّن لهم الحق في التأويل والتفسير. وبذلك فقد اشترطوا للتفسير أن يكون هناك إشكال في المعنى، إن تم أخذه على ظاهر اللفظ، كما هو الحال في الترجمة، أما إن لم يكن من إشكال، فالحق هو الأخذ بظاهر اللفظ، وفيه القصد يكون من غير طلب للتأويل، أما التأويل فقد اشتمل على التفسير ولم يقتصر على ما فيه من بيان المعاني والقصد منها، بل زاد عليه ببيان المقاصد الخفية المتنوعة بحسب ما في القرآن من جوامع الكلم وجوامع المعاني، وإعطاء الدلالات والإشارات لبيان أسرار النظم والإعجاز، فاجتمع التأويل والتفسير فيهم لوجوب البيان في بعض الأحيان.