الحديث بكتب الحديث وآثار الرسول - ﷺ - لكون التفاسير أغلبها من كلام الصحابة، والمعلوم أن الغالب عليها كان التساهل في النقل لا التشديد.
الثاني: إنّ مرويات التفسير والسير والملاحم الأساسية قد شملها علم الحديث، ولم تفرد في كتب خاصة، مما جعل فكرة الجمع في كتب مختصة مسألة أسهل عند طلبها، فلم تكن بذات الأهمية لجمع أحاديث الأحكام، لكونها جزءاً منها. هذا مع اعتقاد المسلمين السليم بأن بيان القرآن مما تعهد الله به، وليس موقوفاً على احتمال صدق أحدهم أو حفظه من البشر، ومرويات التفسير "الذي يمكن معرفة الصحيح منه، فهذا موجود فيما يحتاج إليه ولله الحمد، فكثيرًا ما يوجد في التفسير والحديث والمغازي أمور منقولة عن نبينا - ﷺ - وغيره من الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه والنقل الصحيح يدفع ذلك، بل هذا موجود فيما مستنده النقل، وفيما قد يعرف بأمور أخرى غير النقل، فالمقصود أن المنقولات التي يحتاج إليها في الدين قد نصب الله الأدلة على بيان ما فيها من صحيح وغيره." (١)
الثالث: إنّ مرويات الصحابة في التفسير قد امتازت بتعدد الروايات واختلاف الكلمات والإضافات ونقل الكلام بحسب فهم السامع وليس بضابط المتن كما في الأحاديث، لكون الصحابة لم يفسروا من كتاب ولم يسمحوا بالكتابة عنهم في أغلب الأحيان (٢)، وقد يقولون
(٢) أورد الخطيب البغدادي في كتاب تقييد العلم جل الروايات عن الصحابة رضوان الله عليهم في منع الكتابة، وكان هذا خوفا منهم على العناية بكتابة القرآن، ومما أورده الخطيب أن ابن عباس كان من الذين يكرهون كتابة الحديث، وهذا يفسر اختلاف المرويات عنه وأنه كان لتأخر كتابة كلامه.