السنين منذ بداية التنزيل، وهو على قراءة الجمهور وما تواتر من قراءات للقرآن بالوقف عليها ساكنة، ومن غير تحريك لآخر حرف فيها عند الوصل، وفي هذا يقول المبرد: "وفواتح السور كذلك على الوقف؛ لأنها حروف نهج، نحو الم، المر، حم، طس. ولولا أنها على الوقف لم يجتمع ساكنان. فإذا جعلت شيئاً منها اسماً أعربت." (١) والذين حركوا بعض الفواتح وليس كلها كانت قراءتهم شاذة بالاتفاق.
وكل ما زاد عن هذين القولين من أقوال وآراء تكون من باب التأويل والتوسع في بيان المقاصد، وسأفصله فيما يلي.
الباب الثاني: حصر الأقوال في تأويل الحروف المقطّعة
أما الأقوال في التأويل والتوسع في بيان المقاصد فهي بين تسعة أقوال: (٢)
الأول: إنها سر القرآن ومما استأثر الله بعلمه، فتجد ما يرويه بعض المفسرين عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال في تفسير الحروف المقطّعة: هي مما استأثر الله بعلمه أو أنها سر القرآن. وهذا مما لا يصح وليس له سند، وقد اكتفى بعض المفسرين بذكره، وزاد البعض بجمع الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي- رضي الله عنهم- على هذا القول من غير سند

(١) المقتضب للمبرد، ج٣ ص٣٥٦
(٢) قاعدة: إن رأيت في كتب المفسرين (قال فلان من علماء النحو واللغة) ونقلوه بالنص فهو من كلامه فقط وليس اختياره، وإن قالوا هذا قول فلان ولم ينقلوا عنه نصاً ففيه وجهان، الأول: أنه من سرد كلامه في معرض الحديث والتفصيل وليس بقوله الراجح، والثاني: إن اتفقوا على أنه قول فلان ولم يختلفوا فهو قوله بشرط انتفاء النقل عن بعضهم.


الصفحة التالية
Icon