دعوة الجن قومهم إلى التوحيد والإسلام
فلما فرغ عليه الصلاة والسلام من القراءة انصرفوا يدعون قومهم إلى دعوة نبينا عليه الصلاة والسلام، وهذا ما قاله الله في سورة الأحقاف: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ﴾ [الأحقاف: ٢٩ - ٣١].
فهؤلاء مؤمنوا الجن الذين سمعوا القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم، وقد حدث هذا كله والنبي ﷺ -على ما تدل عليه ظاهر الآية- لم يرهم، وهو عليه الصلاة والسلام بشر لا يعلم الغيب، فأوحى الله إليه بعد انصرافهم أن الجن استمعت إليه، وهذا الوحي من الله جاء مرتين: المرة الأولى في قوله جل وعلا: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ﴾ [الأحقاف: ٢٩].
والمرة الثانية في قوله تبارك وتعالى: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا﴾ [الجن: ١]، فهذا مدخل لمفهوم سورة الجن، وهذا هو أصل القصة ومبناها، ومعنى قول ربنا تبارك وتعالى: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ﴾ [الأحقاف: ٢٩].