تفسير قوله تعالى: (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها)
يقول تبارك وتعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [هود: ١٥ - ١٦].
إن مزية دروس التفسير أنها تدلك على كل العلوم، فالله تعالى يقول هنا: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا﴾ [هود: ١٥] أي: يطلب الدنيا وزينتها ﴿نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا﴾ [هود: ١٥] أي: في الدنيا ﴿وَهُمْ فِيهَا﴾ [هود: ١٥] أي: في الدنيا: ﴿لا يُبْخَسُونَ﴾ [هود: ١٥].
والواقع أن كل من طلب الدنيا لا يُعطاها.
وعليه فإن هذا الإطلاق قيده الله جل وعلا في الإسراء فقال سبحانه: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ﴾ [الإسراء: ١٨].
فهذا الإطلاق الوعد المطلق هنا قيد بآية ماذا؟ بآية الإسراء واضح.
ونحو ذلك قول الله في البقرة: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة: ١٨٦]، هذا إطلاق، ولكن هل كل من دعا الله يجيب الله دعوته؟ فهذه الآية مقيدة بقوله تعالى: ﴿فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ﴾ [الأنعام: ٤١].