الرد على عناد المشركين
إن النبي ﷺ لما بعث عانده الكفار من قريش، فتارة كانوا يطالبونه بحجج، ومنها أن يقسم الأرزاق بينهم، وهذا لا يقدر عليه إلا الله، وتارة يسألونه عن أمور غيبية لا يعلمها إلا الله، وتارة يعيبون عليه أنه يمشي في الأسواق ويأكل الطعام ويشرب الشراب، محتجين بأن هذا ليس من شأن الرسل.
وتارة يقولون له: إنك بدينك هذا إنما تريد أن تدعي الإلهية، وهذا هو الشق الثاني من الحجج.
فهذان الضربان هما اللذان يجمعان نقمة كفار قريش على رسولنا صلى الله عليه وسلم.
فهذه الآية التي أنزلها الله من باب أسلوب التلقين رد على مزاعم أولئك الكفار، حيث قال تعالى: ﴿قُلْ﴾ [الأنعام: ٥٠].
أي يا محمد: ﴿لا أَقُولُ لَكُمْ﴾ [الأنعام: ٥٠] أي: يا كفار قريش ﴿عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ﴾ [الأنعام: ٥٠].
فالنبي ﷺ يأمره ربه بأن يبين للناس، بأن غاية المراد من دعوته أنه بشر يبلغ رسالة ربه، ولا يملك قدرة جبربة على التغيير، كما قال تعالى: ﴿لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ﴾ [الغاشية: ٢٢].
ويخبرهم بأن خزائن الله لا يملكها ولا يدعي أنه يملكها؛ لأن ملك خزائن الله أمر من خصائص الرب وحده جل وعلا، وهذا مقام الإلهية والربوبية.
والنبي ﷺ ليس له من مقام الإلهية والربوبية شيء، فلا يمكن له أن يقسم الأرزاق، ولا الرحمة، ولا الخيرات، ولا العطاء بين الناس؛ لأن هذا من خصائص الرب، ولم يدع يوماً النبي ﷺ أنه إله.