عن قتادة، قوله:"كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتًا" الآية. قال: كانوا أمواتًا في أصلاب آبائهم (١)، فأحياهم الله وخلقهم، ثم أماتهم الموتة التي لا بد منها، ثم أحياهم للبعث يوم القيامة، فهما حياتان وموتتان (٢).
وقال بعضهم بما:
٥٨٦- حدثني به يونس، قال: أنبأنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله تعالى:"ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين". قال: خلقهم من ظهر آدم حين أخذ عليهم الميثاق، وقرأ: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ)، حتى بلغ: (أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) [سورة الأعراف: ١٧٢-١٧٣]. قال: فكسبهم العقل وأخذ عليهم الميثاق. قال: وانتزع ضلعًا من أضلاع آدم القُصَيرى (٣) فخلق منه حواء - ذكرَه عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: وذلك قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا) [سورة النساء: ١]، قال: وبثّ منهما بعد ذلك في الأرحام خلقًا كثيرًا (٤)، وقرأ: (يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ) [سورة الزمر: ٦]، قال: خلقا بعد ذلك. قال: فلما أخذ عليهم الميثاق أماتهم، ثم خلقهم في الأرحام، ثم أماتهم، ثم أحياهم يوم القيامة، فذلك قول الله: (قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا)،

(١) في المخطوطة: "في أصلبة"، والصواب"صلبة" (بكسر الصاد وفتح اللام) أو"أصلب" (بسكون الصاد وضم اللام). وكلها جمع صلب (بضم فسكون) : وهو عظم الظهر من لدن الكاهل إلى عجب الذنب.
(٢) الآثار: ٥٧٥ - ٥٨٥: بعضها في ابن كثير ١: ١٢٢ مجملة، وبعضها في الدر المنثور ١: ٤٢، والشوكاني ١: ٤٦، وكرهنا الإطالة بتفصيلها.
(٣) القصيري، بالتصغير: هي الضلع التي تلي الشاكلة أسفل الأضلاع، وهي أقصرهن.
(٤) في المطبوعة: "وبث فيهما بعد ذلك.. "، وهو خطأ.


الصفحة التالية
Icon