المخبر عنهم، ولو وحَّد حيث جَمع، أو جمع حيث وحَّد، كان صوابًا جائزًا (١).
وأما تأويل ذلك (٢) فإنه يعني به: يا معشر أحبار أهل الكتاب، صدِّقوا بما أنزلتُ على رسولي محمد ﷺ من القرآن المصدِّق كتابَكم، والذي عندكم من التوراة والإنجيل، المعهود إليكم فيهما أنه رسولي ونبيِّيَ المبعوثُ بالحق، ولا تكونوا أوَّل أمّتكُمْ كذَّبَ به (٣) وَجحد أنه من عندي، وعندكم من العلم به ما ليس عند غيركم.
وكفرهم به: جُحودهم أنه من عند الله (٤). والهاء التي في"به" من ذكر"ما" التي مع قوله:"وآمنوا بما أنزلت". كما:-
٨١٧- حدثني القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا حجاج، قال قال ابن جريج في قوله:"ولا تكونوا أوّل كافر به"، بالقرآن. (٥)
قال أبو جعفر: وروى عن أبي العالية في ذلك ما:-
٨١٨- حدثني به المثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية:"ولا تكونوا أول كافر به"، يقول: لا تكونوا أول من كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم. (٦).
وقال بعضهم:"ولا تكونوا أول كافر به"، يعني: بكتابكم. ويتأول أنّ في تكذيبهم بمحمد ﷺ تكذيبًا منهم بكتابهم، لأن في كتابهم الأمرَ باتباع محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذان القولان من ظاهر ما تدلّ عليه التلاوة بعيدانِ. وذلك أن الله جل ثناؤه

(١) انظر مثل ما قال الطبري في معاني القرآن للفراء ١: ٣٢-٣٣.
(٢) في المطبوعة: "فأما... " بالفاء.
(٣) في المطبوعة: "أول من كذب به"، والذي أثبتناه هو صواب بيان الطبري.
(٤) في المخطوطة: "وكفرهم به وجحودهم... " وهو خطأ.
(٥) الأثر: ٨١٧- في الدر المنثور ١: ٦٤، والشوكاني ١: ٦١.
(٦) الأثر: ٨١٨- في ابن كثير ١: ١٥٠، والدر المنثور ١: ٦٤، والشوكاني ١: ٦١.


الصفحة التالية
Icon