القول في تأويل قوله: ﴿وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (١٤٦) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وإن ير هؤلاء الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق و= "وتكبرهم فيها بغير الحق"، تجبرهم فيها، واستكبارهم عن الإيمان بالله ورسوله، والإذعان لأمره ونهيه، (١) وهم لله عبيدٌ يغذوهم بنعمته، (٢) ويريح عليهم رزقه بكرة وعشيًّا، (٣) = "كل آية"، يقول: كل حجة لله على وحدانيته وربوبيته، وكل دلالة على أنه لا تنبغي العبادة إلا له خالصة دون غيره. (٤) = "لا يؤمنوا بها"، يقول: لا يصدقوا بتلك الآية أنها دالة على ما هي فيه حجة، ولكنهم يقولون: "هي سحر وكذب" = "وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا"، يقول: وإن ير هؤلاء الذين وصف صفتهم طريق الهدى والسداد الذي إن سلكوه نجوا من الهلكة والعطب، وصاروا إلى نعيم الأبد، لا يسلكوه ولا يتخذوه لأنفسهم طريقًا، جهلا منهم وحيرة (٥) = "وإن يروا سبيل الغي"، يقول: وإن يروا طريق الهلاك الذي إن سلكوه ضلّوا وهلكوا.
* * *
وقد بينا معنى "الغي" فيما مضى قبل، بما أغنى عن إعادته. (٦)

(١) (١) انظر تفسير ((التكبر)) فيما سلف: ٧٠، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) (٢) في المطبوعة: ((يغدوهم)) بالدال المهملة، والصواب ما أثبت.
(٣) (٣) ((أراح عليه حقه))، رده عليه، يقول الشاعر:
إلا تريحى علينا الحق طائعة دُونَ القُضَاةِ، فَقَاضِينَا إلَى حَكَمِ
(٤) (٤) انظر تفسير ((آية)) فيما سلف من فهارس اللغة (أيى).
(٥) (٥) انظر تفسير ((السبيل)) فيما سلف من فهارس اللغة (سبل). = وتفسير ((الرشد)) فيما سلف ٣: ٤٨٢ / ٥: ٤١٦ / ٧: ٥٧٦.
(٦) (٦) انظر تفسير ((الغي)) فيما سلف ٥: ٤١٦ / ١٢: ٣٣٣.


الصفحة التالية
Icon