وفسروا قوله:"ألم ييأس": ألم يعلَم ويتبيَّن؟
* * *
وذكر عن ابن الكلبي أن ذلك لغة لحيّ من النَّخَع يقال لهم: وَهْبيل، تقول: ألم تيأس، كذا بمعنى: ألم تعلمه؟
* * *
وذكر عن القاسم ابن معن أنّها لغة هَوازن، وأنهم يقولون:"يئستْ كذا"، علمتُ.
* * *
وأما بعض الكوفيين فكان ينكر ذلك، (١) ويزعم أنه لم يسمع أحدًا من العرب يقول:"يئست" بمعنى:"علمت". ويقول هو في المعنى= وإن لم يكن مسموعًا:"يئست" بمعنى: علمت= يتوجَّهُ إلى ذلك إذ أنه قد أوقع إلى المؤمنين، أنه لو شاء لهدى الناس جميعا، (٢) فقال:"أفلم ييأسوا علما"، يقول: يؤيسهم العلم، فكأن فيه العلم مضمرًا، (٣) كما يقال: قد يئست منك أن لا تفلح علمًا، كأنه قيل: علمتُه علمًا قال: وقول الشاعر: (٤)
حَتَّى إِذَا يَئِسَ الرُّمَاةُ وَأَرْسُلوا... غُضْفًا دَوَاجِنَ قَافِلا أَعْصَامُهَا (٥)
معناه: حتى إذا يئسوا من كل شيء مما يمكن، إلا الذي ظهر لهم، أرسلوا،
(٢) في المطبوعة:" إن الله قد أوقع... "، وأثبت ما في المخطوطة، وهو الموافق لما في معاني القرآن.
(٣) في معاني القرآن:" فكأن فيهم العلم"، والصواب ما في الطبري، وهو موافق لما في اللسان (يأس).
(٤) هو لبيد.
(٥) معلقته المشهورة، في صفة صيد البقرة الوحشية. يقول: أرسلوا عليها كلابًا غضف الآذان، وهي كلاب الصيد تسترخى آذانها. و" دواجن" ضاريات قد عودن الصيد. و" القافل" اليابس. و" الأعصام"، جمع" عصام"، وهو قلائد من أدم تجعل في أعناق الكلاب، وهي السواجير أيضًا.