(لنخرجنَّكم من أرضنا)، يعنون: من بلادنا فنطردكم عنها = (أو لتعودن في مِلّتنا)، يعنون: إلا أن تَعُودوا في دِيننا الذي نحن عليه من عبادة الأصنام. (١)
* * *
وأدخلت في قوله: (لتعودُنَّ) "لام"، وهو في معنى شرطٍ، كأنه جواب لليَمين، وإنما معنى الكلام: لنخرجَنكم من أرضنا، أو تعودون في ملتنا. (٢)
* * *
ومعنى "أو" ههنا معنى "إلا" أو معنى "حتى" كما يقال في الكلام:" لأضربنك أوْ تُقِرَّ لي"، فمن العرب من يجعل ما بعد "أو" في مثل هذا الموضع عطفًا على ما قبله، إن كان ما قبله جزمًا جزموه، وإن كان نصبًا نصبوه، وإن كان فيه "لام" جعلوا فيه "لاما"، (٣) إذ كانت "أو" حرف نَسق. ومنهم من ينصب "ما" بعد "أو"بكل حالٍ، ليُعْلَم بنصبه أنه عن الأول منقطع عما قبله، كما قال امرؤ القيس:
بَكَى صَاحِبِي لَمَّا رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُ... وَأَيْقَنَ أَنَّا لاحِقَانِ بِقَيْصَرَا... فَقُلْتُ لَهُ:
لا تَبْكِ عَيْنُكَ إِنَّمَا | نُحَاوِلُ مُلْكًا أَوْ نَمُوتَ فَنُعْذَرَا (٤) |
لا أَسْتَطِيعُ نزوعًا عَنْ مَوَدَّتِهَا | أَوْ يَصْنَعَ الْحُبُّ بِي غَيْرَ الَّذِي صَنَعَا (٦) |
(٢) في المطبوعة: " أو تعودن "، والصواب من المخطوطة.
(٣) في المطبوعة: " إن كان فيه لامًا "، ، خطأ، صوابه في المخطوطة.
(٤) ديوانه: ٦٥ من قصيدته الغالية التي قالها في مسيرة إلى قيصر مستنصرًا به بعد قتل أبيه. وصاحبه الذي ذكره، هو عمرو بن قميئة اليشكري الذي استصحبه إلى قيصر، و " الدرب ". ما بين طرسوس وبلاد الروم.
(٥) هو الأحوص بن محمد الأنصاري، وينسب أحيانًا للمجنون.
(٦) الأغاني ٤: ٢٩٩، وديوان المجنون: ٢٠٠، وخرج أبيات الأحوص، ولدنا الأستاذ عادل سليمان، فيما جمعه من شعر لأحوص، ولم يطبع بعد.