ربكم، وإليه التوفيق والحذلان، وبيده الهدى والضلال يهدي من يشاء منكم للرشاد، فيؤمن، ويضلّ من يشاء عن الهدى فيكفر، ليس إلي من ذلك شيء، ولست بطارد لهواكم من كان للحقّ متبعا، وبالله وبما أنزل علي مؤمنا، فإن شئتم فآمنوا، وإن شئتم فاكفروا، فإنكم إن كفرتم فقد أعد لكم ربكم على كفركم به نار أحاط بكم سرادقها، وإن آمنتم به وعملتم بطاعته، فإن لكم ما وصف الله لأهل طاعته.
وروي عن ابن عباس في ذلك ما حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) يقول: من شاء الله له الإيمان آمن، ومن شاء الله له الكفر كفر، وهو قوله: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) وليس هذا بإطلاق من الله الكفر لمن شاء، والإيمان لمن أراد، وإنما هو تهديد ووعيد.
وقد بين أن ذلك كذلك قوله: (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا) والآيات بعدها.
كما حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن عمر بن حبيب، عن داود، عن مجاهد، في قوله: (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ). قال: وعيد من الله، فليس بمعجزي.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) وقوله (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ) قال: هذا كله وعيد ليس مصانعة ولا مراشاة ولا تفويضا. وقوله: (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا) يقول تعالى ذكره: إنا أعددنا، وهو من العُدّة. للظالمين: الذين كفروا بربهم.
كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا) قال: للكافرين، وقوله: (أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا) يقول: أحاط سرادق النار التي أعدّها الله للكافرين بربهم، وذلك فيما قيل: حائط من نار يطيف بهم كسرادق الفسطاط، وهي الحجرة التي تطيف بالفسطاط، كما قال رؤبة: