القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر)، وما التعمير - وهو طول البقاء - بمزحزحه من عذاب الله.
* * *
وقوله: (هو) عماد لطلب "ما" الاسم أكثر من طلبها الفعل، (١) كما قال الشاعر:
فهل هو مرفوع بما ههنا رأس * (٢)
و"أن" التي في: (أن يعمر)، رفع، بـ "مزحزحه"، و"هو" الذي مع"ما" تكرير، عماد للفعل، لاستقباح العرب النكرة قبل المعرفة.
* * *
وقد قال بعضهم: إن"هو" الذي مع"ما" كناية ذكر العمر. كأنه قال: يود أحدهم لو يعمر ألف سنة، وما ذلك العمر بمزحزحه من العذاب. وجعل"أن يعمر" مترجما عن"هو"، يريد ما هو بمزحزحه التعمير. (٣)
* * *
وقال بعضهم: قوله: (وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر)، نظير قولك: ما زيد بمزحزحه أن يعمر.
* * *
قال أبو جعفر: وأقرب هذه الأقوال عندنا إلى الصواب ما قلنا، وهو أن يكون"هو" عمادا، نظير قولك:"ما هو قائم عمرو".
* * *
(٢) هذا شطر بيت مضى من أبيات ثلاثة، في هذا الجزء ٢: ٣١٣.
(٣) انظر ما سلف في هذا الجزء ٢: ٣٤٠ معنى"الترجمة".