بعض أصحابه، أن القاسم بن محمد سئل عن قول الله تعالى ذكره: (وما أنزل على الملكين)، فقيل له: أنزل أو لم ينزل؟ فقال: لا أبالي أي ذلك كان، إلا أني آمنت به. (١).
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي، قول من وجه"ما" التي في قوله: (وما أنزل على الملكين) إلى معنى"الذي"، دون معنى"ما" التي هي بمعنى الجحد. وإنما اخترت ذلك، من أجل أن"ما" إن وجهت إلى معنى الجحد، تنفي عن"الملكين" أن يكونا منزلا إليهما، (٢) ولم يخل الاسمان اللذان بعدهما - أعني"هاروت وماروت" - من أن يكونا بدلا منهما وترجمة عنهما (٣) أو بدلا من"الناس" في قوله: (يعلمون الناس السحر)، وترجمة عنهما. (٤) فإن جعلا بدلا من"الملكين" وترجمة عنهما، بطل معنى قوله: (وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنه فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به من بين المرء وزوجه). لأنهما إذا لم يكونا عالمين بما يفرق به بين المرء وزوجه، فما الذي يتعلم منهما من يفرق بين المرء وزوجه؟ (٥)

(١) الخبر: ١٦٧٩ - يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري: إمام معروف، يروى عنه الطبري كثيرا، وروى عنه أبو حاتم وأبو زرعة. وقال ابن أبي حاتم ٤ /٢ /٢٤٣: "كتبت عنه، وأقمت عليه سبعة أشهر". وقال: "سمعت أبي يوثق يونس بن عبد الأعلى، ويرفع من شأنه". ولد سنة ١٧٠، ومات سنة ٢٦٤.
وأما شيخه هنا فهو: "أنس بن عياض بن ضمرة": وهو ثقة، خرج له أصحاب الكتب الستة. وهو مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري ١ /٢ /٣٤، وابن أبي حاتم ١ /١ /٢٨٩.
وكتب في المطبوعة"بشر" بدل"أنس". وهو تحريف واضح. صوابه في ابن كثير ١: ٢٥٣، نقلا عن هذا الموضع من الطبري. ولم نجد في الرواة من يسمى"بشر بن عياض" أبدا.
(٢) في المطبوعة: "فتنفي... " بزيادة فاء لا خير فيها.
(٣) انظر معنى "الترجمة" آنفًا: ٤٢٠ تعليق: ٢.
(٤) في المطبوعة "يعلمان الناس السحر" وهو خطأ. وانظر ما سلف: ٤٢٠.
(٥) في المطبوعة: "ما يفرق"، والصواب ما أثبت.


الصفحة التالية
Icon