لو أُطعِموا المن والسلوى مكانَهمُ ما أبصر الناس طُعما فيهمُ نجعا (١)
وتظاهرت الأخبار عن رسول الله ﷺ أنه ﷺ قال:
٩٧٨ -"الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين". (٢)
وقال بعضهم:"المن"، شراب حلو كانوا يطبخونه فيشربونه.
* * *
وأما أمية بن أبي الصلت، فإنه جعله في شعره عسلا فقال يصف أمرهم في التيه وما رزقوا فيه:
فرأى الله أنهم بمَضِيعٍ لا بذي مَزْرعٍ ولا معمورا (٣)
(١) ديوانه: ٨٧ من قصيدة طويلة، يذكر فيها ذا التاج هوذة بن علي الحنفي صاحب اليمامة، وكانت بنو تميم قد وثبت على مال وطرف كانت تساق إلى كسرى، فأوقع بهم المكعبر الفارسي، والي كسرى على البحرين، وأدخلهم المشقر - وهو حصن بالبحرين - بخديعة خدعهم بها، فقتل رجالهم واستبقى الغلمان. وكلم هوذة بن علي المكعبر يومئذ في مائة من أسرى بني تميم، فوهبهم له يوم الفصح، فأعتقهم، فقال الأعشى، يذكر ما كان من قبل هوذة في بني تميم:
سائل تميما به أيام صفقتهم لما أتوه أسارى كلهم ضرعا
وسط المشقر في عيطاء مظلمة لا يستطيعون فيها ثَمَّ ممتنعا
لو أُطعموا المن....... ....................
فوصف بني تميم بالكفر لنعمته (تاريخ الطبري ٢: ١٣٢ - ١٣٤). والطعم: ما أكل من الطعام. ونجع الطعام في الإنسان: هنا أكله وتبينت تنميته، واستمرأه وصلح عليه.
(٢) الحديث: ٩٧٨ - هكذا رواه الطبري دون إسناد. وقد صدق في أنه تظاهرت به الأخبار. فقد رواه أحمد والشيخان والترمذي، من حديث سعيد بن زيد. ورواه أيضًا أحمد والشيخان وابن ماجه، من حديث أبي سعيد وجابر. ورواه أبو نعيم في الطب، من حديث ابن عباس وعائشة. انظر مثلا، المسند: ١٦٢٥، ١٦٢٦. والجامع الصغير: ٦٤٦٣. وزاد المعاد لابن القيم ٣: ٣٨٣. وتفسير ابن كثير ١: ١٧٤ - ١٧٦، وقد ساق كثيرا من طرقه.
(٣) ديوانه: ٣٤ - ٣٥. في الأصول والديوان. "ولا مثمورا". مضيع: بموضع ضياع وهوان وهلاك. يقال: هو بدار مضيعة (بفتح الميم وكسر الضاد)، كأنه فيها ضائع. وهو مفعلة، وطرح التاء منها كما يقولون: المنزل والمنزلة. ومزرع: مصدر ميمي من"زرع" يعني ليس بذي زرع، ومعمور: أي آهل ذهب خرابه. ونصب"ولا معمورا"، عطفا على محل"بذي مزرع"، وهو نصب. وآثرت هذه الكلمة، لأنها هي التي تتفق مع سياقه الشعر، ولأن التحريف في"معمور" و"مثمور" سهل، ولما سترى في شرح البيت الثالث.


الصفحة التالية
Icon