قيض له من الشياطين. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة والبصرة وابن محيصن: (حَتَّى إِذَا جَاءَنَا) على التوحيد، بمعنى: حتى إذا جاءنا هذا العاشي من بني آدم عن ذكر الرحمن.
والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان متقاربتا المعنى وذلك أن في خبر الله تبارك وتعالى عن حال أحد الفريقين عند مقدمه عليه فيما أقرنا فيه في الدنيا، الكفاية للسامع عن خبر الآخر، إذ كان الخبر عن حال أحدهما معلوما به خبر حال الآخر، وهما مع ذلك قراءتان مستفيضتان في قرءة الأمصار، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: حتى إذَا جاءنا هو وقرينه جميعا.
وقوله: (يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ) يقول تعالى ذكره: قال أحد هذين القرينين لصاحبه الآخر: وددت أن بيني وبينك بعد المشرقين: أى بعد ما بين المشرق والمغرب، فغلب اسم أحدهما على الآخر، كما قيل: شبه القمرين، وكما قال الشاعر؟
أخَذْنا بآفاقِ السَّمَاءِ عَلَيْكُمُ... لنَا قَمَرَاهَا والنُّجُومُ الطَّوَالِعُ (١)