قَدْ نَفَرَتْ مِنْ رُفْقَتَيْ مُحَمَّدِ... وَعَجْوَةٍ مِنْ يَثْرِبٍ كَالعُنْجُدِ (١) تَهْوِي عَلَى دِينِ أَبيهَا الأتْلَدِ... قَدْ جَعَلَتْ مَاءَ قُدَيْدٍ مَوْعِدِي (٢)
وَمَاءَ ضَجْنَانَ لَهَا ضُحَى الغَدِ (٣)
* * *
٨٢٥٠ - حدثني الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو، عن عكرمة قال: كانت بدر متجرًا في الجاهلية، فخرج ناس من المسلمين يريدونه، ولقيهم ناسٌ من المشركين فقالوا لهم:"إنّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم"! فأما الجبان فرجع، وأما الشجاع فأخذ الأهبة للقتال وأهبة التجارة، وقالوا:"حسبنا الله ونعم الوكيل"! فأتوهم فلم يلقوا أحدًا، فأنزل الله عز وجل فيهم:"إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم"= قال ابن يحيى قال، عبد الرزاق قال، ابن عيينة: وأخبرني زكريا، عن الشعبي، عن عبد الله بن عمرو قال: هي كلمة إبراهيم ﷺ حين ألقي في النار، فقال:"حسبنا الله ونعم الوكيل".
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب، قول من قال:"إن الذي قيل لرسول الله ﷺ وأصحابه من أنّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، كان في حال خروج رسول الله ﷺ وخروج من خرج معه في أثر أبي سفيان ومن كان معه من مشركي قريش، مُنْصَرَفهم عن أحد إلى حمراء الأسد".
(٢) تهوي: تسرع، هوت الناقة تهوى: أسرعت إسراعًا. والدين: الدأب والعادة. و"الأتلد" الأقدم، من التليد، وهو القديم. و"قديد": موضع ماء بين مكة والمدينة.
(٣) و"ضجنان" (بفتح أوله وسكون الجيم) : وهو جبل على طريق المدينة من مكة، بينه وبين قديد ليلة، كما بينه هذا الشعر. قاله أبو عبيد البكرى في معجم ما استعجم.