قَدْ لَفَّهَا اللَّيْلُ بِسَوَّاقٍ حُطَمْ... لَيْسَ بِرَاعِي إبِلٍ وَلا غَنَم... وَلا بِجَزَّارٍ على ظَهْرِ الوَضَمْ... بَاتُوا نِيَامًا وَابْنُ هِنْدٍ لَمْ يَنَمْ... بَاتَ يُقَاسِيهَا غُلامٌ كَالزَّلَمْ... خَدَلَّجُ السَّاقَيْنِ مَمْسُوحُ القَدَمْ (١)
ثم أقبل من عام قابلٍ حاجًّا قد قلَّد وأهدى، فأراد رسول الله ﷺ أن يبعث إليه، فنزلت هذه الآية، حتى بلغ:"ولا آمين البيت الحرام". قال له ناس من أصحابه: يا رسول الله، خلِّ بيننا وبينه، فإنه صاحبنا! قال: إنه قد قلَّد! قالوا: إنما هو شيء كنا نصنعه في الجاهلية! فأبى عليهم، فنزلت هذه الآية.
١٠٩٥٩- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة قال: قدم الحُطَم، أخو بني ضُبيعة بن ثعلبة البكري، المدينةَ في عِير له يحمل طعامًا، فباعه. ثم دخل على النبي صلى الله عليه وسلم

(١) البيان والتبيين ٢: ٣٠٨، الأغاني ١٤: ٤٤، حماسة أبي تمام ١: ١٨٤، حماسة ابن الشجري: ٣٨، الكامل ١: ٢٢٤ (ونسبه للحطم في ص: ٢٢٧)، الخيل لابن الأعرابي ٨٦، واللسان (حطم) وغيرها، وقبل هذا الرجز: هذَا أوانُ الشَّدِّ، فَاشْتَدِّي زِيَمْ
و"زيم" اسم فرس. وقوله: "حطم" شديد الحطم، فقالوا: للسائق الذي لا يبقى شيئًا من السير والإسراع"حطم". و"الوضم" ما يوقي به اللحم عند تقطيعه من خشب أو غيره. و"الزلم" (بفتح الزاي واللام، أو بضم الزاي)، واحد"الأزلام"، وهي قداح الميسر. يعني: هو كالقدح في صلابته ونحافته وملاسته. و"خدلج الساقين": ممتلئ الساقين، وهذا غير حسن في الرجال، وإنما صواب روايته ما رواه ابن الأعرابي: مُهَفْهَفُ الْكَشْحَيْنِ خَفَّاقُ القَدَمْ
أي ضامر الخصر. و"خفاق القدم"، لأقدامه خفق متتابع على الأرض من سرعته وهو يحدو بالإبل. ورواية أبي جعفر"ممسوح القدم": أي ليس لباطن قدمه أخمص، فأسفل قدمه مستو أملس لين، ليس فيهما تكسر ولا شقاق. وقد جاء في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مسيح القدمين".


الصفحة التالية
Icon