عند سماع (الم ذلك الكتاب) من ذلك العدد موجباً للتثبيط عن الإجابة له والدخول في شريعته، فلو كان لذلك معنى يعقل ومدلول يفهم لدفع رسول الله - ﷺ - ما ظنوه بادىء بدء حتى لا يتأثر عنه ما جاؤوا به من التشكيك على من معهم.
فإن قلت هل ثبت عن رسول الله - ﷺ - في هذه الفواتح شيء يصلح للتمسك به.
قلت لا أعلم أن رسول الله - ﷺ - تكلم في شيء من معانيها بل غاية ما ثبت عنه هو مجرد عدد حروفها، فأخرج البخاري في تاريخه والترمذي وصححه والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - ﷺ - (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول (الم) حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف " (١) وله طرق عن ابن مسعود.
وأخرج ابن أبي شيبة والبزار بسند ضعيف عن عوف بن مالك الأشجعي ونحوه مرفوعاً.
فإن قلت هل روي عن الصحابة شيء من ذلك بإسناد متصل بقائله أم ليس إلا ما تقدم من حكاية القرطبي عن ابن عباس وعلي.
قلت قد روي عن ابن مسعود أنه قال (الم) حرف اشتقت من حروف اسم الله وعنه قال هي اسم الله الأعظم، وعن ابن عباس في قوله (الم وحمَ ونّ) قال اسم مقطع وعنه في فواتح السور قال هو قسم أقسمه الله، وهو من أسماء الله.
وعن الربيع بن أنس قال " ألف " مفتاح اسمه الله " ولام " مفتاح اسمه لطيف " وميم " مفتاح اسمه مجيد وقد روي نحو هذه التفاسير عن جماعة من
_________
(١) الدارمي ٢/ ٤٢٩ - الترمذي ٤/ ٥٣ - مشكاة المصابيح/٢١٣٧ وفي رواية للديلمي ١/ ١٣
والخطيب في التاريخ ١/ ٢٨٥ برواية: اقرؤا القرآن فإنكم تؤجرون إليه أما أني لا أقول الم....


الصفحة التالية
Icon