التابعين، فيهم عكرمة والشعبي والسدي وقتادة ومجاهد والحسن.
فإن قلت هل يجوز الاقتداء بأحد من الصحابة قال في تفسير شيء من هذه الفواتح قولاً صح إسناده إليه.
قلت لا لما قدمنا إلا أن يعلم أنه قال ذلك عن علم أخذه عن رسول - ﷺ -.
فإن قلت هذا مما لا مجال للاجتهاد فيها ولا مدخل للغة العرب فلم لا يكون له حكم الرفع.
قلت تنزيل هذا منزلة المرفوع وإن قال به طائفة من أهل الأصول وغيرهم فليس مما تنشرح له صدور المنصفين، ولا سيما إذا كان في مثل هذا المقام، وهو التفسير لكلام الله سبحانه، فإنه دخول من أعظم الخطر مما لا برهان عليه صحيح إلا مجرد قولهم أنه يبعد من الصحابي كل البعد أن يقول بمحض رأيه فيما لا مجال للاجتهاد فيه، وليس مجرد الاستبعاد مسوغاً للوقوع في خطر الوعيد الشديد.
على أنه يمكن أن يذهب بعض الصحابة إلى تفسير بعض المتشابه كما تجده كثيراً في تفاسيرهم المنقولة عنهم، وتجعل هذه الفواتح من جملة المتشابه.
ثم ههنا مانع آخر؛ وهو أن المروي عن الصحابة في هذا مختلف متناقض، فإن عملنا بما قاله أحدهم دون الآخر كان تحكماً لا وجه له، وإن عملنا بالجميع كان عملاً بما هو مختلف متناقض، ولا يجوز، ثم ههنا مانع غير هذا المانع وهو أنه لو كان شيء مما قالوه مأخوذاً عن النبي - ﷺ - لاتفقوا عليه ولم يختلفوا كسائر ما هو مأخوذ عنه، فلما اختلفوا في هذا علمنا أنه لم يكن مأخوذاً عن النبي - ﷺ -، ثم لو كان عندهم شيء عن النبي - ﷺ - في هذا لما تركوا حكايته عنه ورفعه إليه، لا سيما عند اختلافهم واضطراب أقوالهم في مثل هذا الكلام الذي لا مجال للغة العرب فيه ولا مدخل لها.
ولا يقال قد اختلفوا في غيره من الأحكام فيلزم عدا الأخذ به، لأنا نقول اختلافهم في ذلك من قبيل الأخذ بالأخص أو الأعم أو التقدم أو


الصفحة التالية
Icon