فيه مادة التزويج، ولا الإنكاح، وأيضاً الصداق ليس راجعاً للمنكوحة بل لأبيها، هذا ما جرى عليه المحلي.
وقال غيره: إنهما عقدا عقداً بغير الصورة المذكورة هنا منهما، قال أبو السعود: ليس ما حكى عنهما في الآية تمام ما جرى بينهما من الكلام في إنشاء عقد النكاح، وعقد الإجازة وإيقاعهما، بل هو بيان لما عزما عليه واتفقا على إيقاعه حسبما يتوقف عليه مساق القصة إجمالاً من غير تعرض لبيان مواجب العقدين في تلك الشريعة تفصيلاً.
وأخرج الطبراني وغيره عن عتبة السلمي قال: كنا عند رسول الله - ﷺ - فقرأ سورة طسم حتى إذا بلغ قصة موسى قال: " إن موسى آجر نفسه ثماني سنين، أو عشراً على عفة فرجه، وطعام بطنه، فلما وفى الأجل قيل يا رسول الله أي الأجلين قضى موسى؟ قال: أبرهما وأوفاهما، فلما أراد فراق شعيب أمر امرأته أن تسأل أباها أن يعطيهما من غنمه ما يعيشون به، فأعطاهما ما ولدت غنمه " الحديث بطوله وفيه مسلمة الدمشقي ضعفه الأئمة.
(فلما قضى موسى الأجل) الذي هو أكملهما وأوفاهما، وهو العشرة الأعوام، والفاء فصيحة؛ عن ابن عباس أنه سئل أي الأجلين قضى موسى؟ قال: " أكثرهما وأطيبهما أن رسول الله إذا قال فعل "، وصححه الحاكم، أقول: في قوله إذا قال رسول الله فعل نظر، فإن موسى لم يقل إنه سيقضي أكثر الأجلين، بل قال: أيما الأجلين قضيت فلا عدوان عليَّ، وقد روي عن رسول الله - ﷺ -: " إن موسى قضى أتم الأجلين " من طرق أخرج الخطيب في تاريخه عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله - ﷺ - " إذا سئلت أي الأجلين قضى موسى فقل: خيرهما وأبرهما: وإن سئلت أي المرأتين تزوج؟ فقل الصغرى منهما، وهي التي جاءت فقالت يا أبت استأجره ".


الصفحة التالية
Icon