الطائفتين في الآخرة بمنازلهم، أو يعلم الناس بصدق من صدق، ويفضح الكاذبين بكذبهم، أو يضع لكل طائفة علامة تشتهر بها وتتميز عن غيرها. وقيل: إن علم صفة يظهر فيها كل ما يقع، وما هو واقع، إلا أن قبل التكليف يعلم أن زيداً مثلاً سيطيع وعمراً سيعصي، ثم بعد التكليف يعلم أنه مطيع، والآخر عاص، ولا يتغير علمه في شيء من الأحوال، وإنما المتغير هو المعلوم، وأتى بصيغة الفعل في (صدقوا) وباسم الفاعل في (الكاذبين). لأن اسم الفاعل يدل على ثبوت المصدر في الفاعل، ورسوخه فيه، والفعل الماضي لا يدل عليه لأن وقت نزول الآية كانت الحكاية عن قوم قريبي العهد بالإسلام، وعن قوم مستمرين على الكفر، فعبر في حق الأولين بلفظ الفعل، وفي حق الآخرين بالصيغة الدالة على الثبات: قاله زاده.
(أم حسب الذين يعملون السيئات) أي الشرك والمعاصي (أن يسبقونا) أي أن يفوتونا فلا ننتقم منهم، ويعجزونا قبل أن نؤاخذهم بما يعملون، و (أم) هي المنقطعة، ومعنى الإضراب فيها أن هذا الحسبان أبطل من الحسبان الأول، لأن ذلك يقدر أنه لا يمتحن لإيمانه، وهذا يظن أنه لا يجازى بمساويه، وقالوا: الأول في المؤمنين، وهذا في الكافرين المشركين.
(ساء ما يحكمون) أي بئس الذي يحكمونه حكمهم هذا. وقال الزجاج: (ما) في موضع نصب بمعنى ساء شيئاًً أو حكماً يحكمون، قال: ويجوز أن تكون (ما) في موضع رفع بمعنى ساء الشيء، أو الحكم حكمهم. وقال ابن كيسان: ساء حكمهم.
(من كان يرجو لقاء الله) الرجاء بمعنى الطمع، قاله سعيد بن جبير، وقيل: الرجاء هنا بمعنى الخوف، قال القرطبي: وأجمع أهل التفسير على أن المعنى من كان يخاف الموت، وقيل البعث والحساب قال الزجاج: أي ثواب المصير إليه تعالى، فالرجاء على هذا معناه الأمل و (من) موصولة، أو شرطية، والجزاء


الصفحة التالية
Icon