قوله:
(فإن أجل الله) والراجح أنه ليس بجزاء، لأن أجله جاء لا محالة من غير تقييد بشرط، لأنه لو كان جواب الشرط لزم أن من لا يرجوه لا يكون أجل الله آتياً له، بل الجواب محذوف، أي فليعمل عملاً صالحاً، ولا يشرك بعبادة ربه أحداً، والمعنى من كان يرجو ويطمع لقاء الله فإن أجله المضروب للبعث والثواب والعقاب.
(لآت) أي لجاء لا محالة. قال مقاتل: يعني يوم القيامة. وفي الآية من الوعد والوعيد، والترهيب والترغيب ما لا يخفى (وهو السميع) لأقوال عباده (العليم) بما يسرونه وما يعلنونه.
(ومن جاهد) الكفار، وجاهد نفسه بالصبر على الطاعات، أو جاهد الشيطان بدفع وساوسه (فإنما يجاهد لنفسه) أي ثواب ذلك له لا لغيره، ولا يرجع إلى الله سبحانه من نفع ذلك شيء، وهذا بحكم الوعد لا بحكم الاستحقاق فإن الكريم إذا وعد وفى، فالحصر إضافي، فلا يقال كيف يستقيم الحصر؟ مع أن جهاد الشخص قد ينتفع به غيره، كما ينتفع الآباء بصلاح الأولاد، وينتفع من سن سنة حسنة بفعل من استن بها، وقيل: المعنى ومن جاهد عدوه لنفسه لا يريد بذلك وجه الله فليس لله حاجة بجهاده، والأول أولى، وفيه بشارة وتخويف (إن الله لغني عن العالمين) من الإنس، والجن والملائكة، فلا يحتاج إلى طاعاتهم، كما لا تضره معاصيهم، وإنما أمر ونهى رحمة لعباده.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ) أي لنبطلنها حتى تصير بمنزلة ما لم يعمل؛ والتكفير إذهاب السيئة بالحسنة، والمراد بالسيئة الشرك والمعاصي وتكفيرها هو الإيمان والتوبة والآية تستدعي وجود السيئات


الصفحة التالية
Icon