(وليعلمن الله الذين آمنوا) بقلوبهم أي صدقوا فثبتوا على الإسلام عند البلاء (وليعلمن المنافقين) بترك الإيمان عند البلاء فإنه لتقرير ما قبله وتأكيده واللام في الفعلين لام قسم أي والله ليميزن الله بين الطائفتين ويظهر إخلاص المخلصين ونفاق المنافقين فيجازي الفريقين، فالمخلص الذي لا يتزلزل بما يصيبه من الأذى ويصبر في الله حق الصبر، ولا يجعل فتنة الناس كعذاب الله والمنافق الذي يميل هكذا وهكذا فإن أصابه أذى من الكافرين وافقهم وتابعهم، وكفر بالله عز وجل؛ وإن خفقت ريح الإسلام، وطلع نصره، ولاح فتحه رجع إلى الإسلام وزعم أنه من المسلمين وتغيير الأسلوب حيما عبر في الأول بالفعل، وفي الثاني باسم الفاعل تفنن لرعاية الفاصلة. قيل: هذه الآيات العشر من أول السورة إلى هاهنا مدنية، وباقي السورة مكي. قاله يحيى بن سلام.
(وقال الذين كفروا) من أهل مكة كأبي سفيان وأتباعه (للذين آمنوا) اللام لام التبليغ أي قالوا مخاطبين لهم سبق بيانه في غير موضع، أي قالوا لهم:
(اتبعوا سبيلنا) أي اسلكوا طريقتنا، أو ادخلوا في ديننا (ولنحمل خطاياكم) أي إن كان اتباع سبيلنا خطيئة تؤاخذون بها عند البعث والنشور كما تقولون فلنحمل ذلك عنكم فنؤاخذ بها دونكم، قال مقاتل: يعني قولهم نحن الكفلاء بكل تبعة تصيبكم من الله واللام في لنحمل لام الأمر كأنهم أمروا أنفسهم بذلك. وقال الزمخشري: الأمر بمعنى الخبر وقرئ بكسر اللام وهو لغة الحجاز، ثم رد عليهم بقوله:
(وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء) (من) الأولى بيانية، والثانية مزيدة للاستغراق، أي وما هم بحاملين شيئاًً من خطيئاتهم التي التزموا بها، وضمنوا لهم حملها، ثم وصفهم الله سبحانه بالكذب في هذا التحمل فقال:
(إنهم لكاذبون) فيما ضمنوا به من حمل خطاياهم، قال المهدوي هذا


الصفحة التالية
Icon