وقال الشعبي: معنى الآية أن ما خدم به الإنسان أحداً لينتفع به في دنياه فإن ذلك النفع الذي يجري به الخدمة، لا يربو عند الله وقيل: هذا كان حراماً على النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الخصوص، لقوله سبحانه (ولا تمنن تستكثر) ومعناها: إن تعطي فتأخذ أكثر منه عوضاً عنه وحرم عليه تشريفاً له، وقيل: إن هذه الآية نزلت في هبة الثواب، وبه قال ابن عباس وابن جبير، وطاوس، ومجاهد، قال ابن عطية وما يجري مجراه مما يصنعه الإنسان ليجازى عليه كالسلام وغيره، وهو وإن كان لا إثم فيه، فلا أجر ولا زيادة عند الله.
قال عكرمة: الربا ربوان، فربا حلال، وربا حرام، فأما الربا الحلال فهو الذي يهدي يلتمس ما هو أفضل منه، يعني كما في هذه الآية. وقيل: إن هذا الذي في هذه الآية هو الربا المحرم، فمعنى لا يربو عند الله على هذا القول: لا يحكم به، بل هو للمأخوذ منه، قال المهلب: اختلف العلماء فيمن وهب هبة يطلب بها الثواب، فقال مالك: ينظر فيه، فإن كان مثله ممن يطلب الثواب من الموهوب له فله مثل ذلك، مثل هبة الفقير للغني، وهبة الخادم للمخدوم، وهبة الرجل لأميره، وهو أحد قولي الشافعي رحمه الله. وقال أبو حنيفة رحمه الله: لا يكون له ثواب إذا لم يشترط، وهو قول الشافعي رحمه الله الآخر.
وعن عليّ قال: المواهب ثلاثة: موهبة يراد بها وجه الله، وموهبة يراد بها ثناء الناس، وموهبة يراد بها الثواب؛ فموهبة الثواب يرجع فيها صاحبها إذا لم يثب عليها، بخلاف القسمين الآخرين، فلا يرجع فيهما صاحبهما. قال ابن عباس: في الآية الربا ربوان، ربا لا بأس به، وربا لا يصلح، فأما الربا الذي لا بأس به، فهدية الرجل إلى الرجل يريد فضلها وإضعافها، وعنه قال: هذا هو الربا الحلال أن يهدي يريد أكثر منه وليس له أجر ولا وزر، ونهى النبي - ﷺ - خاصة فقال: ولا تمنن تستكثر.
(وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله) أي: وما أعطيتم من صدقة