الملاحة في العينين، والحسن في الأنف والحلاوة في الفم، وقيل الوجه الحسن وقيل الخط الحسن، وقيل الشعر الجعد، وقيل العقل والتمييز، وقيل العلوم والصنائع، وقيل الصوت الحسن وجودة العقل ومتانته.
ولا وجه لقصر ذلك على نوع خاص، بل يتناول كل زيادة في الخلق من طول قامة، واعتدال صورة، وتمام في الأعضاء، وقوة في البطش، وحصافة في العقل، وجزالة في الرأي، وجراءة في القلب، وسماحة في النفس، ولباقة في التكلم وحسن تأن في مزاولة الأمور، وذلاقة في اللسان، ومحبة في قلوب المؤمنين وما أشبه ذلك مما لا يحيط به الوصف، وبه قال الزمخشري (إن الله على كل شيء قدير) تعليل لما قبله من أنه يزيد في الخلق ما يشاء.
(ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها) أي ليس لك من الأمر شيء فما يأتيهم الله به من مطر ورزق ونعمة وصحة وأمن وعلم وحكمة إلى غير ذلك مما لا يحاط به لا يقدر أحد أن يمسكه.
قال ابن عباس: ما يفتح الله للناس من باب توبة فلا ممسك لها، هم يتوبون إن شاءوا وإن أبوا، وما أمسك من باب توبة فلا مرسل له من بعده، وهم لا يتوبون، واستعير الفتح للإِطلاق والإِرسال إيذاناً بأنها أنفس الخزائن التي يتنافس فيها المتنافسون، وأعزها منالاً، وتنكير الرحمة للإشاعة والإِبهام كأنه قيل: أي رحمة كانت سماوية أو أرضية والعموم مفهوم من اسم الشرط ومن رحمة بيان لذلك العام من أي صنف هو وهو مما اجتزي فيه بالنكرة المفردة عن الجمع المعرف المطابق في العموم لاسم الشرط وتقديره من الرحمات، ومن في موضع الحال، وقيل: المعنى إن الرسل بعثوا رحمة للناس، فلا يقدر على إرسالهم غير الله، وقيل: هو الدعاء وقيل التوبة وقيل التوفيق والهداية ولا وجه لهذا التخصيص بل المعنى كل ما يفتحه الله للناس من خزائن رحمته فيشمل كل نعمة ينعم الله بها على خلقه.
(وما يمسك) من ذلك (فلا مرسل له من بعده) أي لا يقدر أحد


الصفحة التالية
Icon