وعملوا الصالحات ما دخلوا الجنة ولا وجدوا ريحها ولا نالتهم شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، فهم في حقيقة الأمر وواقعه ينتفعون بسعيهم وكسبهم وعملهم، ولولا أعمالهم ما استحقوا شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
فكيف يقال إنهم انتفعوا بعمل غيرهم؟
وأما شفاعة الرسول ﷺ لأهل الكبائر في الخروج من النار؛ فإنها لن تكون إلا بعد أن تمسهم النار بذنوبهم ويصيروا حمماً أو فحماً كما جاء في حديث مسلم ولولا أنهم مؤمنون ما أذن الله في الشفاعة لهم، فالشفاعة لهم وخروجهم من النار من ثواب إيمانهم، وإيمانهم من كسبهم وسعيهم وعملهم فكيف يقال: إنهم انتفعوا بعمل غيرهم.
ثم قال ابن تيمية:
ثالثها: إن كل نبي وصالح له شفاعة وذلك انتفاع بعمل الغير.
ونقول: إن هذه الشفاعات لا تنفع (إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً) لقوله تعالى (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى) [النجم: ٢٦]. والآيات في معناها كثيرة.
فالشفاعة مشروط فيها بحسب نصوص القرآن الكريم الإذن والرضا، والله لا يرضى عن القوم الفاسقين، ولا يأذن في الشفاعة لهم، ولا يأذن للنبي ﷺ في الشفاعة لأهل الكبائر لخروجهم من النار إلا بعد أن تمسهم النار بذنوبهم وتطهرهم من أوزارهم ويبقى إيمانهم وهو موضع رضا الكريم سبحانه.
فشفاعة الأنبياء والصالحين لا تكون إلا بعد الإذن والرضا وإذاً فتكون للمؤمنين لا لغيرهم، والله تعالى قد جعل هذه الشفاعات ثواباً للإيمان وصالح العمل فهؤلاء الذين يشفع لهم الأنبياء والصالحون في حقيقة الأمر وواقعه منتفعون بإيمانهم وأعمالهم وسعيهم وكسبهم، ولولا ذلك ما شفع لهم شافع