قال الحسن بن الفضل: التعجب من الله إنكار الشيء وتعظيمه، وهو لغة العرب، وقيل: معناه الإنكار والذم، وسئل الجنيد رحمه الله عن هذه الآية فقال: إن الله لا يعجب من شيء ولكن وافق رسوله ولما عجب رسوله قال: (وإن تعجب فعجب قولهم)، أي هو كما تقوله، وقيل: معناه أنه بلغ في كمال قدرته وكثرة مخلوقاته إلى حيث عجب منها (١).
(و) هؤلاء لجهلهم (يسخرون) منها والواو للحال، أي والحال، أنهم يسخرون أو للاستئناف والمعنى: ويسخرون منك بسبب تعجبك؛ أو بما تقوله من إثبات المعاد
_________
(١) روى أحمد في مسنده ٤/ ١٥١: إن الله عز وجل ليعجب من الشاب ليس له صبوه.
(وإذا ذكروا لا يذكرون) أي وإذ وعظوا بموعظة من مواعظ الله أو مواعظ رسوله لا يتعظون بها ولا ينتفعون بما فيها. قال سعيد ابن المسيب: أي إذا ذكر لهم ما حل بالمكذبين ممن كان قبلهم أعرضوا عنه ولم يتدبروا.
(وإذا رأوا آية) أي معجزة من معجزات رسول الله ﷺ كانشقاق القمر (يَسْتَسْخِرُونَ) أي يبالغون في السخرية. قال قتادة: يسخرون ويقولون: إنها سخرية، يقال: سخر واستسخر بمعنى مثل: قر واستقر، وعجب واستعجب، والأول أولى، لأن زيادة البناء تدل على زيادة المعنى، وقيل: المعنى يستدعون السخرى من غيرهم، وقال مجاهد: يستهزئون
(وقالوا إن هذا إلا سحر مبين) أي ما هذا الذي تأتينا به إلا سحر واضح ظاهر.
(أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أئنا لمبعوثون) الاستفهام للإنكار أي أنبعث إذا متنا، فالعامل في إذا هو ما دل عليه أئنا لمبعوثون، وهو أنبعث؟ لا نفس مبعوثون لتوسط ما يمنع من عمله فيه، فبدلوا الفعلية بالاسمية، وقدموا الظرف وكرروا الهمزة مبالغة في الإنكار، وإشعاراً بأن البعث مستنكر في نفسه، وفي هذه الحالة أشد استنكاراً وهذا الإنكار للبعث منهم هو السبب


الصفحة التالية
Icon