الزجاج: كنتم تأتوننا من قبل الدين فتروننا أن الدين والحق ما تضلوننا به، واليمين عبارة عن الحق، وهذا كقوله تعالى إخبارا عن إبليس:
(ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم).
قال الواحدي: قال أهل المعاني: إن الرؤساء كانوا قد حلفوا لهؤلاء الاتباع أن ما يدعونهم إليه هو الحق فوثقوا بإيمانهم فمعنى تأتوننا عن اليمين أي من ناحية الأيمان التي كنتم تحلفونها فوثقنا بها، قال: والمفسرون على القول الأول. وقيل: المعنى تأتوننا عن اليمين التي نحبها ونتفاءل بها لتغرونا بذلك عن جهة النصح، والعرب تتفاءل بما جاء عن اليمين وتسميه السانح، وقيل: اليمين بمعنى القوة أي تمنعوننا بقوة وغلبة وقهر، كما في قوله: (فراغ عليهم ضرباً باليمين) أي بالقوة، وهذه الجملة مستأنفة جواب سؤال مقدر وكذلك جملة:
(قالوا بل لم تكونوا مؤمنين) أي قال الرؤساء أو الشياطين لهؤلاء القائلين: كنتم تأتوننا عن اليمين، بل لم تكونوا مؤمنين ولم نمنعكم من الإيمان والمعنى أنكم لم تكونوا مؤمنين قط حتى ننقلكم عن الإيمان إلى الكفر، بل كنتم من الأصل على الكفر فأقمتم عليه، أجابوا بأجوبة خمسة الأول (بل لم تكونوا) الخ.
والثاني قوله:
(وما كان لنا عليكم من سلطان) أي قوة وقدرة وتسلط بقهر وغلبة حتى ندخلكم في الكفر ونخرجكم من الإيمان.
والثالث قوله: (بل كنتم قوماً طاغين) أي متجاوزين الحد في الكفر والضلال.
والرابع قوله:
(فحق علينا) أي وجب علينا وعليكم ولزمنا (قول ربنا) يعنون قوله تعالى: (لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين) (إنا) جميعاً (لذائقون) العذاب الذي ورد به الوعيد، قال الزجاج: أي إن المضل والضال في النار.


الصفحة التالية
Icon