قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (٥٦) وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٥٧) أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٥٩) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٠) لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (٦١) أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (٦٢) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (٦٣) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (٦٤) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (٦٥) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٦٦)
(قَالَ) ذلك الذي من أهل الجنة لما اطلع على قرينه ورآه في النار (تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ) أي لتهلكني بالإغواء، وفيه معنى التعجب، قال الكسائي: الردى الهلاك. قال المبرد: لو قيل (لتردين) لتوقعني في النار لكان جائزاً قال مقاتل: المعنى والله لقد كدت أن تغويني، فأنزل منزلتك والمعنى متقارب فمن أغوى إنساناً فقد أهلكه.
(ولولا نعمة ربي) أي رحمته وإنعامه علي بالإسلام وهدايتي إلى الحق وعصمتي عن الضلال (لكنت) معك في النار (من المحضرين) قال الماوردي: ولا يستعمل أحضر إلا في الشر. ولما تمم كلامه مع ذلك القرين الذي هو في النار عاد إلى مخاطبة جلسائه من أهل الجنة فقال:
(أفما نحن بميتين) الهمزة للاستفهام التقريري وفيها معنى التعجب، والفاء للعطف على محذوف كما في نظائره أي: أنحن مخلدون منعمون؟ فما نحن بميتين، وقرأ زيد بن علي بمائتين.
قال ابن عباس: في الآية قول الله لأهل الجنة (كلوا واشربوا هنيئاً بما كنتم تعملون) قال: هنيئاً أي لا تموتون فيها، فعند ذلك قالوا: أفما نحن بميتين إلى قوله الفوز العظيم، وقيل: هذا السؤال من أهل الجنة للملائكة حين يذبح الموت، وقيل: من قولهم توبيخاً للكفار لما كانوا ينكرونه من البعث وإنه ليس


الصفحة التالية
Icon