المؤرج: أنكرت، وقال أبو زيد: اشمأز الرجل ذعر من الفزع. والمناسب للمقام تفسير اشمأزت بانقبضت، وهو في الأصل الازورار، وكان المشركون إذا قيل لهم: لا إله إلا الله انقبضوا، كما حكاه الله عنهم في قوله:
(وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفوراً) قال ابن عباس في الآية: اشمأزت قست ونفرت قلوب هؤلاء الأربعة الذين لا يؤمنون بالآخرة أبو جهل ابن هشام، والوليد بن عقبة، وصفوان، وأبي بن خلف.
(وإذا ذكر الذين من دونه) اللات والعزى وغيرهما من الأصنام (إذا هم يستبشرون) أي يفرحون بذلك، ويبتهجون به، والعامل في (إذا) في قوله (وإذا ذكر الله) الفعل الذي بعدها وهو اشمأزت، والعامل في إذا في قوله (وإذا ذكر الذين) الخ الفعل العامل في إذا الفجائية، والتقدير فاجأوا الاستبشار وقت ذكر الذين من دونه، وذلك لفرط افتتانهم بها، ونسيانهم حق الله.
ولقد بالغ في الأمرين حتى بلغ الغاية فيهما، فإن الاستبشار أن يمتلىء قلبه سروراً حتى تنبسط له بشرة وجهه، والاشمئزاز أن يمتلىء غضباً وغماً حتى ينقبض أديم وجهه، ولما لم يقبل المتمردون من الكفار ما جاءهم به رسول الله ﷺ من الدعاء إلى الخير، وصمموا على كفرهم أمره الله سبحانه، أن يرد الأمر إلى الله سبحانه، ويلتجىء إليه تعالى بالدعاء لما تحير في أمرهم، وعجز في عنادهم وشدة شكيمتهم، فإنه القادر على الأشياء، العالم بالأحوال كلها فقال:
(قل اللهم) أصله يا الله عوض عنها الميم لقربها من حروف العلة، وشددت لتكون على حرفين كالمعوض عنه، ولذا لم يجمع بينهما،


الصفحة التالية
Icon