هريرة قال: قال رسول الله ﷺ " إن جدالاً في القرآن كفر "، وعنه قال قال رسول الله ﷺ " المراء في القرآن كفر " (١)، أخرجه أبو داود وغيره.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال " هاجرت إلى رسول الله ﷺ يوماً فسمع أصوات رجلين اختلفا في آية، فخرج يعرف في وجهه الغضب فقال إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب " (٢)، أخرجه مسلم، قال أبو العالية آيتان ما أشدهما على الذين يجادلون في القرآن هذه الآية، وقوله (وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد).
ولما حكم سبحانه على المجادلين في آيات الله بالكفر نهى رسوله ﷺ عن أن يغتر بشيء من حظوظهم الدنيوية فقال:
(فلا يغررك تقلبهم في البلاد) أي فلا يغررك ما يفعلونه من التجارة النافقة في البلاد، كالشام واليمن، وما يحصلونه من المكاسب والأرباح، وما يجمعونه من الأموال سالمين غانمين، فإنهم معاقبون عما قليل، وإن أمهلوا لا يهملون، قال الزجاج: لا يغررك سلامتهم بعد كفرهم، فإن عاقبتهم الهلاك وهذا تسلية له ﷺ ووعيد لهم، والفاء لترتيب النهي، أو وجوب الانتهاء على ما قبلها، من التسجيل عليهم بالكفر، الذي لا شيء أمقت منه عند الله، ولا أجلب لخسران الدنيا والآخرة قرأ الجمهور: لا يغررك بفك الإدغام وقرىء بالإدغام، وهو جواب لشرط مقدر، أي إذا تقرر عندك أن المجادلين في آيات الله كفار فلا يغررك الخ، ثم بين حال من كان قبلهم، وأن هؤلاء سلكوا سبيل أولئك في التكذيب فقال:
_________
(١) صحيح الجامع ٦٥٦٣ - المشكاة/٢٣٦.
(٢) صحيح الجامع ٢٣٧٠.
(كذبت قبلهم) أي قبل أهل مكة (قوم نوح والأحزاب من


الصفحة التالية
Icon