وتقديره: ربت واهتزت وقيل: الاهتزاز والربو قد يكونان قبل خروج النبات من الأرض وقد يكونان بعده، ومعنى الربو لغة الارتفاع. كما يقال للموضع المرتفع: ربوة ورابية فالنبات يتحرك للبروز ثم يزداد في جسمه بالكبر طولاً وعرضاً.
وقد تقدم تفسير هذه الآية مستوفى في سورة الحج، وقيل اهتزت استبشرت بالمطر وربت انتفخت بالنبات، وقيل تشققت فارتفع ترابها. وخرج منها النبات وسما في الجو مغطياً لوجهها، وتشعبت عروقه وغلظت سوقه، فصار يمنع سلوكها على ما كانت فيه من السهولة، وتزخرفت بذلك النبات كأنها بمنزلة المختال في زيه. لما كانت قبل ذلك كالذليل، وقرأ أبو جعفر وخالد ربأت (إن الذي أحياها لمحيي الموتى) بالبعث والنشور (إنه على كل شيء قدير) لا يعجزه شيء كائناً ما كان.
(إن الذين يلحدون في آياتنا) أي يمليون عن الحق والاستقامة في آياتنا بالطعن والتحريف، والتأويل الباطل، واللغو فيها، والإلحاد الميل والعدول ومنه اللحد في القبر، لأنه أميل إلى ناحية منه، يقال: الحد في دين الله أي مال عنه وعدل، ويقال لحد وهو لغة فيه، وقد تقدم تفسير الإلحاد، ويقال: ألحد الحافر ولحد إذا مال عن الاستقامة فحفر في شق، فاستعير لحال الأرض إذا كانت ملحودة، فاستعير للانحراف في تأويل آيات القرآن عن جهة الصحة والاستقامة، قال مجاهد: معنى الآية يميلون عن الإيمان بالقرآن، وقال أيضاًً: يميلون عند تلاوة القرآن بالمكاء والتصدية، واللغو والغناء، وقال قتادة يكذبون في آياتنا، وقال السدي: يعاندون ويشاقون، وقال ابن زيد: يشركون، والمعاني متقاربة، وقال ابن عباس في الآية؛ هو أن يضع الكلام في غير موضعه.
(لا يخفون علينا) بل نحن نعلمهم فنجازيهم بما يعملون، قيل: نزلت في أبي جهل، ثم بين كيفية الجزاء والتفاوت بين المؤمن والكافر فقال: (أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ) الاستفهام


الصفحة التالية
Icon