(لعلكم تعقلون) أي لكي تفهموه وتتعقلوا معانيه وتحيطوا بما فيه، قال ابن زيد لعلكم تتفكرون
(وإنه) أي وإن القرآن (في أم الكتاب لدينا) أي عندنا (لعلي حكيم) أخبر عن منزلته وشرفه وفضله أي إن كذبتم به يا أهل مكة فإنه عندنا شريف رفيع القدر محكم النظم في أعلى طبقات البلاغة، ودرجات الفصاحة، لا يوجد فيه اختلاف ولا تناقض، والجملة عطف على الجملة المقسم بها داخلة تحت معنى القسم أو مستأنفة مقررة لما قبلها، قال الزجاج: أم الكتاب أصل الكتاب، وأصل كل شيء أمه والقرآن مثبت عند الله في اللوح المحفوظ، كما قال (بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ).
قال ابن جريج: المراد بقوله وإنه الخ أعمال الخلق من إيمان وكفر وطاعة ومعصية، عن ابن عباس قال: " إن أول ما خلق الله من شيء القلم، وأمره أن يكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة عنده " (١)، ثم قرأ هذه الآية وأخرج ابن مردويه نحوه عن أنس مرفوعاً.
_________
(١) سبق ذكره.
(أفنضرب عنكم الذكر صفحاً) يقال: ضربت عنه وأضربت عنه إذا تركته وأمسكت عنه، كذا قال الفراء والزجاج وغيرهما، وانتصاب صفحاً على المصدرية أو على الحال أي صافحين، والصفح مصدر قولهم: صفحت عنه إذا أعرضت عنه، وذلك أنك توليه صفحة وجهك وعنقك، والمراد بالذكر هنا القرآن، والاستفهام للإنكار والتوبيخ قال الكسائي:
المعنى أفنضرب عنكم الذكر طياً فلا توعظون ولا تؤمرون. وقال مجاهد وأبو صالح والسدي أفنضرب عنكم العذاب ولا نعاقبكم على إسرافكم وكفركم؟ وقال قتادة المعنى أفنهلككم ولا نأمركم ولا ننهاكم، وروي عنه إنه قال: المعنى أفنمسك عن إنزال القرآن من قبل، أنكم لا تؤمنون به، وقيل: الذكر التذكير كأنه قال أنترك تذكيركم.
(أن كنتم قوماً مسرفين) قرىء إن بالكسر على أنها الشرطية والجزاء


الصفحة التالية
Icon