الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠) وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (١١) وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (١٢) لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (١٣)
(الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا) أي فراشاً كالمهد للصبي، ولو شاء لجعلها مزلة لا يثبت فيها شيء كما ترون من بعض الجبال، ولو شاء لجعلها متحركة فلا يمكن الانتفاع بها في الزراعة والأبنية، فالانتفاع بها إنما حصل لكونها مسطحة قارة ساكنة وقد تقدم بيانه، قرأ الجمهور مهاداً وقرأ الكوفيون مهداً وهذا كلام مبتدأ غير متصل بما قبله، ولو كان متصلاً بما قبله من جملة مقول الكفار لقالوا: الذي جعل لنا الأرض مهاداً.
(وجعل لكم فيها سبلاً) أي طرقاً تسلكونها إلى حيث تريدون ولو شاء لجعلها بحيث لا يسلك في مكان منها كما جعل بعض الجبال كذلك وقيل معايش تعيشون بها (لعلكم تهتدون) بسلوكها إلى مقاصدكم ومنافعكم في أسفاركم.
(والذي نزل من السماء ماء بقدر) أي بقدر الحاجة وحسبما تقتضيه المصلحة (١) بالغرق ولا دونها حتى تحتاجوا إلى الزيادة وعلى حسب ما تقتضيه مشيئته في أرزاق عباده بالتوسيع تارة والتقتير أخرى.
(فأنشرنا به بلدة ميتاً) أي أحيينا بذلك الماء بلدة مقفرة من النبات
_________
(١) سقط من الأصل: ولم ينزل عليكم منه فوق حاجتكم حتى يهلك زرعكم ويهدم منازلكم ويهلككم...


الصفحة التالية
Icon