(ورزقناهم من الطيبات) أي المستلذات التي أحلها الله لهم، ومن ذلك المن والسلوى، وهذه نعم دنيوية وما قبله من الكتاب والنبوة نعم دينية.
(وفضلناهم على العالمين) من أهل زمانهم حيث آتيناهم ما لم نؤت من عداهم من كثرة الأنبياء فيهم، وفلق البحر، وغرق العدو، ونحوها، وقد تقدم بيان هذا في سورة الدخان، قال ابن عباس: لم يكن أحد من العاملين في زمانهم أكرم على الله ولا أحب إليه منهم.
(وآتيناهم بينات من الأمر) أي شرائع واضحات في الحلال والحرام، أو معجزات ظاهرات، وقيل: العلم بمبعث النبي ﷺ وشواهد نبوته، وتعيين مهاجره (فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم) أي فما وقع الاختلاف بينهم في ذلك الأمر إلا بعد مجيء العلم إليهم ببيانه، وإيضاح معناه، فجعلوا ما يوجب زوال الخلاف موجباً لثبوته، وقيل المراد بالعلم يوشع بن نون فإنه آمن به بعضهم، وكفر بعضهم وقيل نبوة محمد ﷺ فاختلفوا فيها حسداً و:
(بغياً بينهم) قيل بغياً من بعضهم على بعض يطلب الرياسة (إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون) من أمر الدين فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.
(ثم جعلناك على شريعة من الأمر) ثم للاستئناف والشريعة في اللغة المذهب والملة والمنهاج ويقال لمشرعة الماء وهي مورد شاربيه شريعة، والجمع شرائع، فاستعير ذلك للدين لأن العباد يردون ما تحيا به نفوسهم، ومنه الشارع لأنه طريق إلى المقصد، فالمراد بالشريعة هنا ما شرعه الله لعباده من الدين، أي جعلناك يا محمد على منهاج واضح من أمر الدين يوصلك إلى الحق وقال ابن عباس: على هدى من أمر دينه، قال قتادة الشريعة الأمر والنهي والحدود والفرائض البينة، لأنها طريق إلى الحق، وقال الكلبي السنة، لأنه يستن بطريقة من قبله من الأنبياء، وقال ابن زيد: الدين لأنه


الصفحة التالية
Icon