الأول كالعنوان للكتاب، والثاني لبيان ما في الكتاب، أو المراد بالثاني هو الأول وإظهار لتعظيمه ومزيد الإعتناء بشأنه.
(فاعبد الله مخلصاً له الدين) الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها أي ممحضاً له الدين من الشرك والرياء بالتوحيد، وتصفية السر. والإخلاص أن يقصد العبد بعمله وجه الله سبحانه، والدين العبادة والطاعة، ورأسها توحيد الله، وأنه لا شريك له.
وفي الآية دليل على وجوب النية وإخلاصها عن الشوائب لأن الإخلاص من الأمور القلبية التي لا تكون إلا بأعمال القلب وقد جاء في السنة الصحيحة أن ملاك الأمر في الأقوال والأفعال النية كما في حديث " إنما الأعمال بالنيات " (١) وحديث " لا قول ولا عمل إلا بالنية ".
_________
(١) سبق ذكره.
(ألا لله الدين الخالص) مستأنفة مقررة لما قبلها من الأمر بالإخلاص، أي إن الدين الخالص من شوائب الشرك وغيره هو لله وما سواه من الأديان فليس بدين الله الخالص، الذي أمر به. قال قتادة: الدين الخالص شهادة أن لا إله إلا الله.
وقد أخرج ابن مردويه عن يزيد الرقاشي أن رجلاً قال " يا رسول الله إنا نعطي أموالنا إلتماس الذكر فهل لنا في ذلك من أجر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، قال يا رسول الله إنما نعطي إلتماس الأجر والذكر فهل لنا أجر؟ فقال رسول الله ﷺ إن الله لا يقبل إلا ما أخلص له " (١) ثم تلا هذه الآية، وقال الحسن الدين الإسلام.
ولما أمر سبحانه بعبادته على وجه الإخلاص، وأن الدين الخالص له لا لغيره، بين بطلان الشرك الذي هو مخالف للإخلاص فقال:
_________
(١) رواه النسائي (٢/ ٥٩) وإسناده حسن كما قال الحافظ الواقي في تخريج الإحياء ٤/ ٣٢٨.