وقيل المراد بالأرض الواسعة هنا أرض الجنة، رغبهم في سعتها وسعة نعيمها كما في قوله (جنة عرضها السموات والأرض) والجنة قد تسمى أرضاً. قال تعالى (وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء) والأول أولى.
وقيل ارتحلوا من مكة وتحولوا إلى بلاد أخر؛ واقتدوا بالأنبياء والصالحين في مهاجرتهم إلى غير بلادهم، ليزدادوا إحساناً إلى إحسانهم وطاعة إلى طاعتهم؛ وفيه حث على الهجرة من البلد الذي يظهر فيه المعاصي وقيل من أمر بالمعاصي في بلد فليهرب منه ثم لما بين سبحانه ما للمحسنين إذا أحسنوا؛ وكان لا بد في ذلك من الصبر على فعل الطاعة؛ وعلى كف النفس عن الشهوات، أشار إلى فضيلة الصبر وعظيم مقداره فقال:
(إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ) على مفارقة أوطانهم وعشائرهم وعلى غيرها من تجرع الغصص، واحتمال البلايا في طاعة الله: بزيادة (أَجْرَهُمْ) في مقابلة صبرهم وما كابدوه من العسر (بِغَيْرِ حِسَابٍ) أي بما لا يقدر على حصره حاصر ولا يستطيع حسبانه حاسب وإن كان معلوماً محصياً عند الله.
قال عطاء: بما لا يهتدي إليه عقل ولا وصف. وقال مقاتل أجرهم الجنة وأرزاقهم فيها بغير حساب.
وقيل قوله إنما يوفى الصابرون ترغيب في التقوى الأمور بها. وإيثار الصابرين على المتقين للإيذان بأنهم حائزون لفضيلة الصبر، كحيازتهم لفضيلة الإحسان لما أشير إليه من استلزام التقوى لهما مع ما فيه من زيادة حث على المصابرة والمجاهدة في تحمل مشاق الهجرة.
والحاصل أن الآية تدل على أن ثواب الصابرين وأجرهم لا نهاية له لأن كل شيء يدخل تحت الحساب فهو متناه، وما كان لا يدخل تحت الحساب فهو


الصفحة التالية
Icon