وأشعارهم (وعندنا كتاب حفيظ) أي حافظ لعدتهم وأسمائهم ولكل شيء من الأشياء وهو اللوح المحفوظ وقيل: المراد بالكتاب هنا العلم والإحصاء والأول أولى، وقيل: حفيظ بمعنى محفوظ أي محفوظ من الشياطين أو محفوظ فيه كل شيء ثم أضرب سبحانه من الكلام الأول وانتقل إلى ما هو أشنع منه وأقبح فقال:
(بل كذبوا بالحق) فإنه تصريح بالتكذيب منهم بعد ما تقدم عنهم من الاستبعاد والمراد بالحق هنا القرآن قال الماوردي: في قول الجميع، وقيل: هو الإسلام وقيل: محمد وقيل: النبوة الثابتة بالمعجزات (لما جاءهم) أي وقت مجيئه إليهم، من غير تدبر ولا تفكر ولا إمعان نظر (فهم في أمر مريج) أي مختلط ومضطرب، يقولون تارة ساحر ومرة شاعر، ومرة كاهن، قاله الزجاج وغيره، وقال قتادة: مختلف، وقال الحسن: ملتبس، وقيل: فاسد، والمعاني متقاربة ومنه قولهم مرجت أمانات الناس أي فسدت ومرج الدين والأمر اختلط، وقال ابن عباس: المريج الشيء المتغير.
(أفلم ينظروا)؟ شروع في بيان الدليل الذي يدفع قولهم ذلك رجع بعيد والاستفهام للتقريع والتوبيخ أي كيف غفلوا عن النظر (إلى السماء) كائنة (فوقهم) يشاهدونها كل وقت (كيف بنيناها)؟ أي أوجدناها وجعلناها على هذه الصفة، مرفوعة كالخيمة، إلا إنها بغير عماد تعتمد عليه (وزيناها) بما جعلنا فيها من المصابيح والنيرات والكواكب (وما لها من فروج) أي فتوق وشقوق وصدوع تعيبها، وهو جمع فرج، قال الكسائي: ليس فيها تفاوت ولا اختلاف ولا فتوق ولا صداع ولا خلل والواو للحال.
(والأرض مددناها) أي دحوناها وبسطناها على وجه الماء (وألقينا فيها رواسي) أي جبالاً ثوابت تثبتها وقد تقدم تفسير هذا في سورة الرعد (وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج) أي من كل صنف حسن كريم يسر به، وقد تقدم تفسير هذا أيضاًً في سورة الحج
(تبصرة وذكرى) هما علتان لما


الصفحة التالية
Icon