للملابسة كالتي في قوله: (تنبت بالدهن) أي متلبسة بالحق أي بحقيقة الحال وقيل بالحق من أمر الآخرة حتى يراه المنكر لها عياناً وهو نفس الشدة قاله الجلال المحلي وقال القاري: لم يظهر لي معنى هذه العبارة، وممكن أن يقال الضمير في قوله هو راجع لأمر الآخرة، والمراد بالشدة الأمر الشديد، وهو أهوال الآخرة فعلى هذا تكون هذه الجملة تفسيراً لقوله من أمر الآخرة، وقيل بالحكمة وقيل بما يؤول إليه أمر الإنسان من السعادة والشقاوة.
(ذلك) أي الموت (ما كنت منه تحيد) أي الذي كنت تميل عنه وتفر منه في حياتك، فلم ينفعك الهرب والفرار، يقال: حاد عن الشيء يحيد حيوداً وحيدة وحيدودة مال عنه وعدل. وقال الحسن: تحيد تهرب، وقيل تفزع، وقيل: تكره، وقيل تنفر
(ونفخ في الصور) عبر عنه بالماضي لتحقق وقوعه، وهذه هي النفخة الآخرة للبعث عطف على جاءت سكرة الموت والصور هو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام، وهو من العظمة بحيث لا يعلم قدره إلا الله، وقد التقمه إسرافيل من حين بعث محمد ﷺ منتظراً للإذن بالنفخ ذكره الخطيب (ذلك) أي الوقت الذي يكون فيه النفخ في الصور، والفعل كما يدل على المصدر يدل على الزمان أيضاًً (يوم الوعيد) الذي أوعد الله به الكفار، قال مقاتل: يعني بالوعيد العذاب في الآخرة وخصص الوعيد مع كون اليوم هو يوم الوعد والوعيد جميعاً لتهويله والمعنى يوم تحقق الوعيد وإنجازه.
(وجاءت) فيه (كل نفس) من النفوس (معها سائق وشهيد) أي من يسوقها، ومن يشهد لها وعليها، واختلف في السائق والشهيد، فقال الضحاك: السائق من الملائكة، والشهيد من أنفسهم: يعني الأيدي والأرجل وقال الحسن وقتادة: سائق يسوقها؛ وشاهد يشهد عليها بعملها أي هما ملكان، وقيل: ملك جامع بين الوصفين، وقال ابن مسلم: السائق قرينها من الشياطين سمي سائقاً لأنه يتبعها وإن لم يحثها، والشهيد جوارحه وأعماله، وقال مجاهد: السائق والشهيد ملكان، وقيل: السائق كاتب السيئات


الصفحة التالية
Icon