(ولكن كان في ضلال بعيد) عن الحق، فدعوته فاستجاب لي، ولو كان من عبادك المخلصين لم أقدر عليه وقيل: إن قرينه الملك الذي كان يكتب سيئاته وإن الكافر يقول رب إنه أعجلني فيجيبه بهذا كذا، قال مقاتل وسعيد ابن جبير والأول أولى، وبه قال الجمهور.
(قال) تعالى: (لا تختصموا لدي) مستأنفة كأنه قيل: فماذا قال الله؟ فقيل قال: لا تختصموا لدي، يعني الكافرين وقرناءهم، نهاهم سبحانه عن الاختصام في مواقف الحساب، قال ابن عباس: إنهم اعتذروا بغير عذر فأبطل الله حجتهم ورد عليهم قولهم (وقد قدمت إليكم بالوعيد) بإرسال الرسل وإنزال الكتب، والباء مزيدة للتأكيد، أو على تضمين قدم معنى تقدم قيل: إن مفعول قدمت إليكم هو قوله: ما يبدل أي وقد قدمت إليكم هذا القول متلبساً بالوعيد وهذا بعيد جداً.
(ما يبدل) أي ما يغير (القول لدي) في ذلك أي لا خلف لوعيدي، بل هو كائن لا محالة؛ وقد قضيت عليك بالعذاب فلا تبديل له وقيل: هذا القول هو قوله: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا)، وقيل: هو قوله: (لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين)، وقيل: المراد بالقول هو الوعيد بتخليد الكافر في النار ومجازاة العصاة على حسب استحقاقهم، وقال الفراء وابن قتيبة: معنى الآية أنه ما يكذب عندي بزيادة في القول ولا ينقص منه لعلمي بالغيب، وهو قول الكلبي، واختاره الواحدي لأنه قال: (لدي) ولم يقل: ما يبدل قولي قيل والمعنى لا تطمعوا أني أبدل وعيدي، والعفو عن بعض المذنبين لبعض الأسباب ليس من التبديل فإن دلائل العفو في حق عصاة المذنبين تدل على تخصيص الوعيد، ولا تخصيص في حق الكافر فالوعيد على عمومه في حقهم والأول أولى.
(وما أنا بظلام للعبيد) أي لا أعذبهم ظلماً بغير جرم اجترموه ولا