بينة، وقيل هذه الآية المتروكة نفس القرى الخربة.
(للذين يخافون العذاب الأليم) أي كل من يخاف عذاب الله ويخشاه من أهل ذلك الزمان ومن بعدهم، فلا يفعل مثل فعلهم وإنما خص هؤلاء لأنهم الذين يتعظون بالمواعظ، ويتفكرون في الآيات دون غيرهم، ممن لا يخاف ذلك، وهم المشركون المكذبون بالبعث، والوعد والوعيد
(و) تركنا (في) قصة (موسى) آية وهذا معنى واضح قاله السمين، أو في الأرض، وفي موسى آيات، قاله الفراء وابن عطية والزمخشري، قال أبو حيان: وهو بعيد جداً ينزه القرآن عن مثله، وقيل: وتركنا فيها آية وجعلنا في موسى آية، قال أبو حيان: ولا حاجة إلى إضمار: وجعلنا لأنه قد أمكن أن يكون العامل في المجرور وتركنا، والوجه الأول هو الأولى، وما عداه متكلف متعسف لم تلجىء إليه حاجة ولا دعت إليه ضرورة.
(إذ أرسلناه إلى فرعون) الظرف متعلق بمحذوف وهو نعت لآية أي كائنة وقت أرسلناه، وبآية نفسها أو منصوب بتركنا والأول أولى (بسلطان مبين) وهو الحجة الظاهرة الواضحة، وهي العصا وما معها من الآيات الثمان
(فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ) التولي الإعراض، والركن الجانب، قاله الأخفش والمعنى أعرض عن الإيمان بجانبه أي مع جنوده لأنهم له كالركن كما في قوله؛ (أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ). قال الجوهري: ركن الشيء جانبه الأقوى، ويأوي إلى ركن شديد أي عز ومنعة، وقال ابن عباس: بركنه بقومه، وقال ابن زيد ومجاهد وغيرهما: الركن جمعه وجنوده الذين كان يتقوى بهم، ومنه قوله تعالى: (أو آوي إلى ركن شديد)، أي عشيرة ومنعة، وقيل؛ الركن نفس القوة، وبه قال قتادة وغيره.
(وقال) فرعون في حق موسى (ساحر أو مجنون) فردد فيما رآه من أحوال موسى بين كونه ساحراً أو مجنوناً فـ (أو) هنا على بابها من الإبهام على السامع، أو للشك، نزل نفسه منزلة الشاك في أمره، تمويهاً على قومه، وهذا


الصفحة التالية
Icon