به، أو سماها عقيماً، لأنها أهلكتهم وقطعت دابرهم، أفاده الكرخي، وفي الشهاب أصل العقم اليبس المانع من قبول الأثر، كما قاله الراغب، وهو فعيل، بمعنى فاعل أو مفعول، فلما أهلكتهم وقطعت نسلهم شبه ذلك الإهلاك بعدم الحمل لما فيه من إذهاب النسل، وهذا هو المراد هنا ثم وصف سبحانه هذه الريح فقال:
(ما تذر من شيء أتت عليه) أي: مرت عليه من أنفسهم وأنعامهم وأموالهم (إلا جعلته كالرميم) أي: كالشيء الهالك البالي المتفتت، وقال قتادة: هو الذي ديس من يابس النبات، وقال السدي وأبو العالية: أنه التراب المدقوق، وقال قطرب: إنه الرماد، وقيل: ما رمته الماشية من الكلأ وأصل الكلمة من رم العظم إذا بلى فهو رميم، والرمة العظام البالية، والجمع رمم ورمام، قال ابن عباس: كالرميم كالشيء الهالك البالي، وفي القرطبي كالشيء الهشيم يقال للنبت إذا يبس وتفتت رميم وهشيم، والتقدير ما تترك من شيء إلا مجعولاً كالرميم فالجملة في موضع المفعول الثاني؛ لتذر وأعربها أبو حيان حالاً، وليس بظاهر.
(وفي ثمود إذ قيل لهم) أي وتركنا في قصة ثمود آية وقت أن قلنا لهم بعد عقر الناقة: (تمتعوا حتى حين) أي عيشوا متمتعين بالدنيا إلى حين وقت الهلاك وإنقضاء الأجل. وهو ثلاثة أيام كما في قوله تعالى: (تمتعوا في داركم ثلاثة أيام)
(فعتوا عن أمر ربهم) أي تكبروا عن امتثال أمر الله. وهذا ترتيب إخباري وإلا ففي الحقيقة عتوهم إنما كان قبل وعدهم بالهلاك الذي هو المراد من قوله: تمتعوا حتى حين على تفسيره، إذ المراد به ما بقي من آجالهم، والمراد بأمر ربهم، هو المذكور في سورة هود: (يا قوم هذه ناقة الله لكم آية).
(فأخذتهم) بعد مضي ثلاثة أيام (الصاعقة) وهي كل عذاب


الصفحة التالية
Icon